الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
وَكَانَ بِمَكَّةَ بَعْدَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ جَمَاعَةٌ أَسْلَمُوا مِثْل أَبِي جَنْدَلٍ وَأَبِي بَصِيرٍ إِلَى سَبْعِينَ رَجُلًا وَلَمْ يَبْلُغْ فِيهِمُ الْمُشْرِكُونَ النِّكَايَةَ لِعَشِيرَتِهِمْ، وَالأَْمْرُ الآْنَ عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ (١) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَطْلُبُهُ - إِلَى أَنَّهُ عَلَى الإِْمَامِ أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِالشَّرْطِ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَال (٢)؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَالَحَ قُرَيْشًا بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَهُ مِنْهُمْ مُسْلِمًا عَلَيْهِمْ، فَجَاءَهُ أَبُو جَنْدَل بْنُ سُهَيْلٍ، فَقَال سُهَيْل بْنُ عَمْرٍو: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّل مَنْ أُقَاضِيكَ أَنْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ، فَقَال النَّبِيُّ ﷺ لأَِبِي جَنْدَلٍ: " يَا أَبَا جَنْدَلٍ، اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ، فَإِنَّا لاَ نَغْدِرُ، وَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا (٣) . ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَصِيرٍ
_________
(١) فَتْح الْقَدِير ٥ / ٢٠٨ - ٢٠٩، ومواهب الْجَلِيل وَالتَّاج وَالإِْكْلِيل ٣ / ٣٨٦ - ٣٨٧، وحاشية الدُّسُوقِيّ ٢ / ٢٠٦، وعقد الْجَوَاهِر الثَّمِينَة ١ / ٤٩٨
(٢) الْحَاوِي الْكَبِير ١٨ / ٤١٦، والجامع لأَِحْكَامِ الْقُرْآنِ ١٨ / ٥٤. وَالْمُغْنِي ٨ / ٤٦٥، وحاشية الدُّسُوقِيّ ٢ / ٢٠٦، ومغني الْمُحْتَاج ٤ / ٢٦٣ - ٢٦٤، ومواهب الْجَلِيل ٣ / ٣٨٦، والإنصاف ٤ / ٢١٣ - ٢١٤
(٣) حَدِيث: " صَالِح النَّبِيِّ ﷺ قُرَيْشًا بِالْحُدَيْبِيَةَ. . . ". أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي ٥ / ٣٢٩، ٣٣٠ - ط السَّلَفِيَّة) . وقوله ﷺ لأَِبِي جَنْدَل: " يَا أَبَا جَنْدَلٍ اصْبِرْ واحستب. . . " أَخْرَجَهُ ابْن إِسْحَاق فِي سِيرَتِهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي (٥ / ٣٤٥ - ط السَّلَفِيَّة)