الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ: فَقَال الْمَالِكِيَّةُ لاَ حَدَّ وَاجِبٌ لِمُدَّةِ الْهُدْنَةِ بَل هِيَ عَلَى حَسَبِ اجْتِهَادِ الإِْمَامِ وَرَأْيِهِ؛ إِذْ شَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ فِي مُدَّةٍ بِعَيْنِهَا لاَ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلاَ عَلَى الإِْبْهَامِ، ثُمَّ تِلْكَ الْمُدَّةُ لاَ حَدَّ لَهَا بَل يُعَيِّنُهَا الإِْمَامُ بِاجْتِهَادِهِ.

لَكِنْ يُنْدَبُ أَنْ لاَ تَزِيدَ الْمُدَّةُ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لاِحْتِمَال حُصُول قُوَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا إِذَا اسْتَوَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَغَيْرِهَا وَإِلاَّ تَعَيَّنَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ (١) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ، فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ إِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ بِقُوَّةٍ وَكَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي عَقْدِهَا رَجَاءَ إِسْلاَمِهِمْ أَوْ بَذْلِهِمُ الْجِزْيَةَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ، غَيْرَ ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ.

وَهِيَ عَشْرُ سِنِينَ وَمَا دُونَهَا إِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ هَادَنَ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عَامَ الْفَتْحِ رَجَاءَ إِسْلاَمِهِ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي قُوَّةٍ، وَهَادَنَ قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَكَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ.

وَقَالُوا: إِنْ زَادَ فِي الْحَالَةِ الأُْولَى عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَعَلَى الْعَشْرِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لأَِنَّهَا مَخْصُوصَةٌ عَنْ حَظْرٍ فَوَجَبَ

_________

(١) حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ ٢ / ٢٠٦