الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
بِوُجُوبِ الْهِجْرَةِ عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهَا مِمَّنْ لاَ يَسْتَطِيعُ إِظْهَارَ دِينِهِ فِي دَارِ الْكُفْرِ: مَنْ فِي إِقَامَتِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَتَجُوزُ لَهُ الإِْقَامَةُ فِيهَا. قَال الرَّمْلِيُّ: بَل تُرَجَّحُ عَلَى الْهِجْرَةِ (١)، أَخْذًا مِمَّا جَاءَ أَنَّ الْعَبَّاسَ ﵁ أَسْلَمَ قَبْل بَدْرٍ، وَاسْتَمَرَّ مُخْفِيًا إِسْلاَمَهُ إِلَى فَتْحِ مَكَّةَ، يَكْتُبُ بِأَخْبَارِهِمْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَكَانَ يُحِبُّ الْقُدُومَ عَلَيْهِ فَيَكْتُبُ لَهُ أَنَّ مَقَامَكَ بِمَكَّةَ خَيْرٌ (٢) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا وَجَبَتِ الْهِجْرَةُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ وَإِطَاقَتِهَا، فَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ بِلاَ رَاحِلَةٍ وَلاَ مَحْرَمٍ.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِل وَالرِّعَايَتَيْنِ: إِنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنَ الْفِتْنَةِ فِي دِينِهَا لَمْ تُهَاجِرْ إِلاَّ بِمَحْرَمٍ كَالْحَجِّ. وَزَادَ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمَجْدِ: وَإِنْ لَمْ تَأْمَنْهُمْ فَلَهَا الْخُرُوجُ حَتَّى وَحْدَهَا (٣) .
_________
(١) تُحْفَة الْمُحْتَاج وَحَاشِيَة الشرواني عَلَيْهِ ٩ / ٢٦٩ وَمَا بَعْدَهَا، وأسنى الْمَطَالِب وَحَاشِيَة الرَّمْلِيّ عَلَيْهِ ٤ / ٢٠٤، ونهاية المحتاج ٨ / ٧٨
(٢) حَدِيث: " أَنَّ الْعَبَّاس ﵁ أَسْلَمَ قَبْل بَدْر، وَاسْتَمَرَّ مُخْفِيًا. . . ". أَخْرَجَهُ ابْن سَعْد فِي الطَّبَقَاتِ (٤ / ٣١ ط دَار بَيْرُوتَ)، وذكره الذَّهَبِيّ فِي السَّيْرِ (٢ / ٩٨ - ٩٩ ط مُؤَسَّسَة الرِّسَالَة)، وَقَال: إِسْنَادُهُ ضَعِيف
(٣) كَشَّاف الْقِنَاع ٣ / ٤٤، والمبدع ٣ / ٣١٤، والفروع لاِبْن مُفْلِح ٦ / ١٩٧