الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
وَيَرَوْنَ نَارَهُ إِذَا أُوقِدَتْ.
وَقَالُوا: إِنَّ الْقِيَامَ بِأَمْرِ الدِّينِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَالْهِجْرَةُ مِنْ ضَرُورَةِ الْوَاجِبِ وَتَتِمَّتِهِ، وَمَا لاَ يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلاَّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْهِجْرَةِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ ﷿: ﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (١)﴾ .
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ حَالَةً أُخْرَى لِهِجْرَةٍ لاَ تُوصَفُ بِوُجُوبٍ وَلاَ اسْتِحْبَابٍ، كَمَنْ عَجَزَ عَنِ الْهِجْرَةِ إِمَّا لِمَرَضٍ أَوْ إِكْرَاهٍ عَلَى الإِْقَامَةِ أَوْ ضَعْفٍ مِنَ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَشَبَهِهِمْ، فَهَذَا لاَ هِجْرَةَ عَلَيْهِ (٢) لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ .
الْقَوْل الثَّانِي: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْخَطَّابِيِّ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْهِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً، بَل هِيَ مَنْدُوبَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، وَهِيَ الْهِجْرَةُ مِنْ أَرْضٍ يُهْجَرُ فِيهِ الْمَعْرُوفُ، وَيَشِيعُ
_________
(١) سُورَة النِّسَاء / ٩٨، ٩٩
(٢) الْمُغْنِي ٨ / ٤٥٧، وأسنى الْمَطَالِب ٤ / ٢٠٤