الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: لأَِنَّ الْحُبَّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضَ فِي اللَّهِ وَاجِبٌ، وَلأَِنَّ فِي تَرْكِ مُؤَاخَاةِ الْبِدْعِيِّ حِفْظًا لِدِينِهِ، إِذْ قَدْ يَسْمَعُ مِنْ شُبَهِهِ مَا يَعْلَقُ بِنَفْسِهِ، وَفِي تَرْكِ مُؤَاخَاةِ الْفَاسِقِ رَدْعٌ لَهُ عَنْ فُسُوقِهِ (١) .
وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: الصَّحَابَةُ ﵃ آثَرُوا فِرَاقَ نُفُوسِهِمْ لأَِجْل مُخَالَفَتِهَا لِلْخَالِقِ ﷾، فَهَذَا يَقُول: زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي. وَنَحْنُ لاَ نَسْخُوا أَنْ نُقَاطِعَ أَحَدًا فِيهِ لِمَكَانِ الْمُخَالَفَةِ! (٢)
وَهِجْرَانُ الْمُجَاهِرِينَ بِالْمَعَاصِي عَلَى مَرْتَبَتَيْنِ: الْهِجْرَانِ بِالْقَلْبِ، وَالْهِجْرَانِ بِاللِّسَانِ. فَهِجْرَانُ الْكَافِرِ بِالْقَلْبِ، وَبِتَرْكِ التَّوَدُّدِ وَالتَّعَاوُنِ وَالتَّنَاصُرِ، لاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ حَرْبِيًّا.
وَإِنَّمَا لَمْ يَشْرَعْ هِجْرَانُهُ بِالْكَلاَمِ لِعَدَمِ ارْتِدَاعِهِ بِذَلِكَ عَنْ كُفْرِهِ، بِخِلاَفِ الْعَاصِي الْمُسْلِمِ، فَإِنَّهُ يَنْزَجِرُ بِذَلِكَ غَالِبًا. وَيَشْتَرِكُ كُلٌّ مِنَ الْكَافِرِ وَالْعَاصِي فِي مَشْرُوعِيَّةِ مُكَالَمَتِهِ بِالدُّعَاءِ إِلَى الطَّاعَةِ وَالأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ (٣) .
_________
(١) الْمُقْدِمَات الْمُمَهِّدَات لاِبْن رُشْد (ط دَار الْغَرْبِ الإِْسْلاَمِيّ) ٣ / ٤٤٦.
(٢) الآْدَاب الشَّرْعِيَّة ١ / ٢٣٥
(٣) فَتْح الْبَارِي ١٠ / ٤٩٧.