الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -

الاِنْتِهَاءِ، بَل أَوْلَى لأَِنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَل، إِلاَّ أَنَّ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ؛ لأَِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَدْ غَرَّهُ حَيْثُ عَوَّضَهُ لإِسْقَاطِ الرُّجُوعِ بِشَيْءٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ.

وَقَال زُفَرُ: يَرْجِعُ فِي الْهِبَةِ بِقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ مِنَ الْعِوَضِ؛ لأَِنَّ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ ثَبَتَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا، فَكَمَا أَنَّ الثَّانِيَ عِوَضٌ عَنِ الأَْوَّل، فَكَذَا الأَْوَّل يَصِيرُ عِوَضًا عَنِ الثَّانِي. ثُمَّ لَوِ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْهِبَةِ الأُْولَى كَانَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ فِي بَعْضِ الْعِوَضِ، فَكَذَا إِذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْعِوَضِ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي بَعْضِ الْهِبَةِ تَحْقِيقًا لِلْمُعَاوَضَةِ (١) .

وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ: عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ لِمَنْ هُوَ دُونَهُ فَلاَ يَجِبُ الْعِوَضُ؛ إِذْ لاَ تَقْتَضِيهِ لَفْظًا وَلاَ عَادَةً، وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِهَذَا هِبَةَ الأَْهْل وَالأَْقَارِبِ؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ هُوَ الصِّلَةُ، وَهِبَةَ الْعَدُوِّ؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ التَّآلُفُ، وَهِبَةَ الْغَنِيِّ لِلْفَقِيرِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ نَفْعُهُ، وَالْهِبَةَ لِلْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ وَالتَّبَرُّكُ، وَهِبَةَ الْمُكَلَّفِ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ الاِعْتِيَاضِ عَنْهُ، وَالْهِبَةَ لِلأَْصْدِقَاءِ وَالإِْخْوَانِ؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ تَأَكُّدُ الْمَوَدَّةِ، وَالْهِبَةَ لِمَنْ أَعَانَ بِجَاهِهِ أَوْ مَالِهِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مُكَافَأَتُهُ.

_________

(١) الْمَبْسُوط ١٢ / ٧٦، ٨٢، وَالْبَدَائِع ٦ / ١٣٢.