الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (١)﴾، وَالطَّهُورُ اسْمٌ لِلطَّاهِرِ فِي نَفْسِهِ الْمُطَهِّرِ لِغَيْرِهِ، وَالْمَحَل قَابِلٌ، وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الطَّهَارَةَ عَمَل الْمَاءِ خِلْقَةً وَفِعْل اللِّسَانِ فَضْلٌ فِي الْبَابِ حَتَّى لَوْ سَال عَلَيْهِ الْمَطَرُ أَجْزَأَهُ عَنِ الْوُضُوءِ وَالْغَسْل، فَلاَ يُشْتَرَطُ لَهُ النِّيَّةُ، إِذِ اشْتِرَاطُهَا لاِعْتِبَارِ الْفِعْل الاِخْتِيَارِيِّ، وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ اللاَّزِمَ لِلْوُضُوءِ مَعْنَى الطَّهَارَةِ، وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ فِيهِ مِنَ الزَّوَائِدِ، فَإِنِ اتَّصَلَتْ بِهِ النِّيَّةُ يَقَعْ عِبَادَةً وَإِنْ لَمْ تَتَّصِل بِهِ لاَ يَقَعْ عِبَادَةً لَكِنَّهُ يَقَعُ وَسِيلَةً إِلَى إِقَامَةِ الصَّلاَةِ لِحُصُول الطَّهَارَةِ كَالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ (٢) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ النِّيَّةَ فَرْضٌ فِي الْوُضُوءِ، قَال ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ حَارِثٍ: اتِّفَاقًا، وَقَال الْمَازِرِيُّ: عَلَى الأَْشْهَرِ، وَقَال ابْنُ الْحَاجِبِ: عَلَى الأَْصَحِّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ.
وَمُقَابِل الأَْشْهَرِ وَالأَْصَحِّ رِوَايَةُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ.
وَمَنْشَأُ الْخِلاَفِ أَنَّ فِي الطَّهَارَةِ - كَالْوُضُوءِ - شَائِبَتَيْنِ، فَمِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهَا
_________
(١) سورة الفرقان / ٤٨.
(٢) رد المحتار على الدر المختار ١ / ٧٢ - ٧٣، وبدائع الصنائع ١ / ١٩ - ٢٠.