الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْل الزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَوْل جُمْهُورِ أَهْل الْحِجَازِ وَيُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁: إِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ، فَلاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِالنِّيَّةِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (١)﴾، وَالإِْخْلاَصُ هُوَ عَمَل الْقَلْبِ وَهُوَ النِّيَّةُ، وَالأَْمْرُ بِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ (٢) . . . "، وَلَيْسَ الْمُرَادُ صُورَةَ الْعَمَل فَإِنَّهَا تُوجَدُ بِلاَ نِيَّةٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ حُكْمَ الْعَمَل لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ بِالنِّيَّةِ. قَالُوا: وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ لاَ يَكُونُ الْعَمَل شَرْعِيًّا يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ إِلاَّ بِالنِّيَّةِ، وَلأَِنَّ الْوُضُوءَ طَهَارَةٌ مِنْ حَدَثٍ تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلاَةُ فَلَمْ يَصِحَّ بِلاَ نِيَّةٍ كَالتَّيَمُّمِ، وَلأَِنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ ذَاتُ أَرْكَانٍ فَوَجَبَتْ فِيهَا النِّيَّةُ كَالصَّلاَةِ.
وَيَنْوِي الْمُتَوَضِّئُ رَفْعَ الْحَدَثِ، أَوِ اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إِلَى طُهْرٍ، أَوْ أَدَاءَ فَرْضِ الْوُضُوءِ (٣) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ النِّيَّةَ سُنَّةٌ فِي
_________
(١) سورة البينة / ٥.
(٢) حديث: " إنما الأعمال بالنيات. . . ". تقدم في فقرة ١٣.
(٣) المجموع ١ / ٣١١ - ٣١٤، ومغني المحتاج ١ / ٤٧، ونيل المآرب ١ / ٦٠ - ٦١، وكشاف القناع ١ / ٨٥، وبداية المجتهد ١ / ٦.