الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ - حرف النون - نية - الأحكام الشرعية المتعلقة بالنية - أولا الأحكام الشرعية العامة للنية - حكمة مشروعية النية

حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ النِّيَّةِ:

١٨ - بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ النِّيَّةَ شُرِعَتْ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ حَتَّى يَتَمَيَّزَ مَا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى عَمَّا لَيْسَ لَهُ، وَتَتَمَيَّزُ مَرَاتِبُ الْعِبَادَاتِ فِي أَنْفُسِهَا حَتَّى تَتَمَيَّزَ مُكَافَأَةُ الْعَبْدِ عَلَى فِعْلِهِ وَيَظْهَرَ قَدْرُ تَعْظِيمِهِ لِرَبِّهِ (١) .

فَمِثَال الأَْوَّل: الْغُسْل يَكُونُ عِبَادَةً وَتَبَرُّدَا، وَحُضُورُ الْمَسَاجِدِ يَكُونُ لِلصَّلاَةِ وَفُرْجَةً وَاسْتِرَاحَةً، وَالسُّجُودُ لِلَّهِ أَوْ لِلصَّنَمِ.

وَمِثَال الثَّانِي: الصَّلاَةُ، لاِنْقِسَامِهَا إِلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ، وَالْفَرْضُ إِلَى فَرْضٍ عَلَى الأَْعْيَانِ وَفَرْضٍ عَلَى الْكِفَايَةِ وَفَرْضٍ مَنْذُورٍ وَفَرْضٍ غَيْرِ مَنْذُورٍ. وَمِنْ هُنَا تَظْهَرُ كَيْفِيَّةُ تَعَلُّقِ النِّيَّةِ بِالْفِعْل؛ فَإِنَّهَا لِلتَّمْيِيزِ.

وَتَمْيِيزُ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ بِإِضَافَتِهِ إِلَى سَبَبِهِ كَصَلاَةِ الْكُسُوفِ وَالاِسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ بِوَقْتِهِ كَصَلاَةِ الظُّهْرِ، أَوْ بِحُكْمِهِ الْخَاصِّ كَالْفَرِيضَةِ، أَوْ بِوُجُودِ سَبَبِهِ كَرَفْعِ الْحَدَثِ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ سَبَبٌ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ، فَإِذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ ارْتَفَعَ وَصَحَّ الْوُضُوءُ (٢) .

_________

(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٢٩، والأشباه والنظائر للسيوطي ص ١٢، ومواهب الجليل ١ / ٢٣٢.

(٢) مواهب الجليل ١ / ٢٣٢.