الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢ -
أَمَّا مَا يُفْرَضُ ظُلْمًا عَلَى النَّاسِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْكَفَالَةِ بِذَلِكَ، قَال بَعْضُهُمْ: لاَ يَصِحُّ الضَّمَانُ بِهَا؛ لأَِنَّ الْكَفَالَةَ شُرِعَتْ لاِلْتِزَامِ الْمُطَالَبَةِ بِمَا عَلَى الأَْصِيل شَرْعًا، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ هَاهُنَا شَرْعًا، وَقَال بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا، وَمِمَّنْ يَمِيل إِلَى ذَلِكَ الرَّأْيِ فَخْرُ الإِْسْلاَمِ الْبَزْدَوِيُّ، قَال: وَأَمَّا النَّوَائِبُ فَهِيَ مَا يَلْحَقُهُ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ مِنْ حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَنُوبُهُ، فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا؛ لأَِنَّهَا دُيُونٌ فِي حُكْمٍ تُوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا، وَالْعِبْرَةُ فِي الْكَفَالَةِ لِلْمُطَالَبَةِ لأَِنَّهَا شُرِعَتْ لاِلْتِزَامِهَا (١) .
هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَقَوَاعِدُ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى لاَ تَأْبَى هَذَا إِنْ كَانَ بِحَقٍّ.
فَقَدْ قَال الْمَالِكِيَّةُ: يَصِحُّ الضَّمَانُ بِدَيْنٍ لاَزِمٍ أَوْ آيِلٍ إِلَى اللُّزُومِ (٢) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَشْتَرِكُ فِي الْمَضْمُونِ كَوْنُهُ حَقًّا ثَابِتًا حَال الْعَقْدِ، فَلاَ يَصِحُّ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ، سَوَاءٌ أَجْرَى سَبَبَ وُجُوبِهِ أَمْ لاَ؛ لأَِنَّ الضَّمَانَ وَثِيقَةٌ بِالْحَقِّ فَلاَ يَسْبِقُهُ كَالشَّهَادَةِ، وَصَحَّحَ فِي الْقَدِيمِ ضَمَانَ مَا سَيَجِبُ لأَِنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إِلَيْهِ.
_________
(١) العناية شرح الهداية مع فتح القدير ٦ / ٣٣٢
(٢) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٣ / ٣٣٣