الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤١

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤١ -

أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَال بِهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى مَالًا، أَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَال، وَأَمَّا الدَّعَاوَى غَيْرُ الْمَالِيَّةِ وَالَّتِي لاَ يُقْصَدُ بِهَا الْمَال فَلاَ يُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُول، هَذَا هُوَ مَا عَلَيْهِ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ، وَلِهَذَا فَلاَ يُقْضَى بِالنُّكُول فِي دَعَاوَى الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَوْ مَا دُونَهَا، وَدَعَاوَى الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى: كَحَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْضَى بِالنُّكُول فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَنُقِل عَنْهُ الْقَوْل بِأَنَّهُ يُقْضَى بِالنُّكُول فِي الْقَذْفِ، فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَذَفَهُ وَاسْتُحْلِفَ الْقَاذِفُ فَنَكَل، فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَقَال أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ لَهُ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لاَ يُقْضَى فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا بِالنُّكُول (١) .

وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ بِأَدِلَّةٍ مِنَ الْمَنْقُول وَالْمَعْقُول، أَمَّا الْمَنْقُول فَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (٢)، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى

_________

(١) الْمُغْنِي ٩ / ٢٣٥، ٢٣٧، و٧ / ٤٤٥، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٦ / ١٤٣، ٣٣٩، الطَّرْق الْحِكَمِيَّة - ١١٦، وَالإِْنْصَاف ١١ / ٢٥٤، ٢٥٥

(٢) حَدِيث: " الْبَيِّنَة عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِين عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ". أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى (١٠ / ٢٥٢ - ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ الْعُثْمَانِيَّة)، وَحُسْن إِسْنَاده ابْن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ (٥ / ٢٨٣ - ط السَّلَفِيَّة)