الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤١ - حرف النون - نكول - حقيقة النكول - القول الثاني
وَالْحُدُودِ وَاللِّعَانِ فَلاَ يَحْتَمِل الْبَذْل فَلاَ تَحْتَمِل النُّكُول وَاسْتُدِل عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْيَمِينَ لاَ تَبْقَى وَاجِبَةً مَعَ النُّكُول، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ إِقْرَارًا، لأَِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِ النَّاكِل كَاذِبًا فِي إِنْكَارِهِ، إِذْ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ لَمَا امْتَنَعَ مِنَ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ، فَكَانَ نُكُولُهُ إِقْرَارًا، وَيُحْتَمَل كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَذْلًا، لأَِنَّ الْعَاقِل الدَّيِّنَ كَمَا يَتَحَرَّجُ عَنِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، يَتَحَرَّجُ عَنِ التَّغْيِيرِ وَالطَّعْنِ بِالْيَمِينِ بِبَذْل الْمُدَّعَى بِهِ، إِلاَّ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْبَذْل أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الإِْقْرَارِ، لأَِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ إِقْرَارًا تَكْذِيبُ النَّاكِل فِي إِنْكَارِهِ السَّابِقِ، وَلَوْ جُعِل بَذْلًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ ذَلِكَ، بَل تَنْقَطِعُ الْخُصُومَةُ بِلاَ تَكْذِيبٍ، فَكَأَنَّ النَّاكِل قَال لِلْمُدَّعِي: لَيْسَ هَذَا لَكَ وَلَكِنِّي لاَ أَمْنَعُكَ عَنْهُ وَلاَ أُنَازِعُكَ فِيهِ، فَيَحْصُل الْمَقْصُودُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى تَكْذِيبٍ، فَكَانَ هَذَا أَوْلَى صِيَانَةً لِلْمُسْلِمِ عَنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ الْكَذِبُ (١) .
الْقَوْل الثَّانِي: يَرَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ النُّكُول فِيمَا يَحْتَمِل الإِْقْرَارَ بِهِ شَرْعًا إِقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ سَوَاءٌ احْتَمَل الْبَذْل أَوْ لاَ (٢) .
_________
(١) الْهِدَايَة وَنَتَائِج الأَْفْكَارِ وَالْعِنَايَة ٦ / ١٦٢، ١٦٣ وَبَدَائِع الصَّنَائِع ٨ / ٣٩٢٨، ٣٩٢٩
(٢) الْهِدَايَة، وَنَتَائِج الأَْفْكَارِ (تَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير) ٦ / ١٦٣ - ١٦٥، وَالْعِنَايَة ٦ / ١٦٣، وَبَدَائِع الصَّنَائِع ٨ / ٣٩٢٨