الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤١ -
مُخَالِفٌ، فَكَانَتْ إِجْمَاعًا، وَلأَِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَصْل الإِْجْمَاعِ (١) . وَقَال النَّوَوِيُّ: إِنْ تَبَيَّنَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ خَالَفَ قَطْعِيًّا كَنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ، أَوْ ظَنًّا مُحْكَمًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ أَوْ بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، فَيَلْزَمُهُ نَقْضُ حُكْمِهِ، أَمَّا إِنْ تَبَيَّنَ لَهُ بِقِيَاسٍ خَفِيٍّ رَآهُ أَرْجَحَ مِمَّا حَكَمَ بِهِ وَأَنَّهُ الصَّوَابُ، فَلْيَحْكُمْ فِيمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَخَوَاتِ الْحَادِثَةِ بِمَا رَآهُ ثَانِيًا، وَلاَ يَنْقُضُ مَا حَكَمَ بِهِ أَوَّلًا، بَل يُمْضِيهِ، ثُمَّ مَا نَقَضَ بِهِ قَضَاءَ نَفْسِهِ نَقَضَ بِهِ قَضَاءَ غَيْرِهِ، وَمَا لاَ فَلاَ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَتَتَبَّعُ قَضَاءَ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَنْقُضُهُ إِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ، وَلَهُ تَتَبُّعُ قَضَاءِ نَفْسِهِ لِيَنْقُضَهُ.
وَقَال: مَا يَنْقُضُ مِنَ الأَْحْكَامِ لَوْ كُتِبَ بِهِ إِلَيْهِ لاَ يَخْفَى أَنَّهُ لاَ يَقْبَلُهُ وَلاَ يُنَفِّذُهُ. وَأَمَّا مَا لاَ يَنْقُضُ وَيَرَى غَيْرَهُ أَصْوَبَ مِنْهُ فَنَقَل ابْنُ كَجٍّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُ وَلاَ يُنَفِّذُهُ لأَِنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ خَطَأً، وَقَال ابْنُ الْقَاصِّ: لاَ أُحِبُّ تَنْفِيذَهُ. وَفِي هَذَا إِشْعَارٌ بِتَجْوِيزِ تَنْفِيذِهِ.
وَصَرَّحَ السَّرَخْسِيُّ (الشَّافِعِيُّ) بِنَقْل الْخِلاَفِ فَقَال: إِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ قَبْلَهُ فَلَمْ يَرَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي النَّقْضَ، لَكِنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إِلَى غَيْرِهِ فَوَجْهَانِ:
_________
(١) أدب القاضي للمارودي ١ / ٦٨٤ - ٦٨٩.