الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤١ -
كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ نَوَى الصَّدَقَةَ بِمَالٍ مُقَدَّرٍ، وَشَرَعَ فِي الصَّدَقَةِ بِهِ، فَأَخْرَجَ بَعْضَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ الصَّدَقَةُ بِبَاقِيهِ (١) .
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي لُزُومِ إِتْمَامِ النَّفْل مِنَ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِمَا.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ مَنْ شَرَعَ فِي صَلاَةِ النَّفْل أَوْ فِي صَوْمِ النَّفْل يُؤَاخَذُ بِالْمُضِيِّ فِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَمْضِ يُؤَاخَذُ بِالْقَضَاءِ (٢)، لأَِنَّ الْمُؤَدَّى مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ صَارَ مُسَلَّمًا بِالأَْدَاءِ، وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ كَانَ مُثَابًا عَلَى ذَلِكَ، فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ إِبْطَالِهِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَهَذَا التَّحَرُّزُ لاَ يَتَحَقَّقُ إِلاَّ بِالإِْتْمَامِ فِيمَا لاَ يَحْتَمِل الْوَصْفَ بِالتَّجَزِّي عِبَادَةً، فَيَجِبُ الإِْتْمَامُ لِهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ نَفْلًا، وَيَجِبُ الْقَضَاءُ إِذَا أَفْسَدَهُ لِوُجُودِ التَّعَدِّي فِيمَا هُوَ حَقُّ الْغَيْرِ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْذُورِ، فَالْمَنْذُورُ فِي الأَْصْل مَشْرُوعٌ نَفْلًا، وَلِهَذَا لاَ يَكُونُ مُسْتَدَامًا كَالنَّوَافِل، إِلاَّ أَنَّهُ
_________
(١) المغني ٣ / ١٨٥، ومواهب الجليل ٢ / ٩٠.
(٢) منحة الخالق بهامش البحر الرائق ٢ / ٦١، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي ٢ / ٥٧٠ نشر دار الكتاب العربي، ومواهب الجليل ٢ / ٩٠.