الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠ -

الرَّجُل يَزْدَادُ فِي صِحَّةِ رَأْيِهِ مَا نَصَحَ لِمُسْتَشِيرِهِ، فَإِذَا غَشَّهُ سَلَبَهُ اللَّهُ نُصْحَهُ وَرَأْيَهُ، وَلاَ يَلْتَفِتَنَّ إِلَى مَنْ قَال: إِذَا نَصَحْتَ الرَّجُل فَلَمْ يَقْبَل مِنْكَ فَتَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ بِغِشِّهِ، فَذَلِكَ قَوْلٌ أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ بِغِشِّهِ السُّكُوتَ عَنْهُ، فَقَدْ قِيل: كَثْرَةُ النَّصِيحَةِ تُورِثُ الظِّنَّةُ.

وَقَال الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ: أَوَّل النُّصْحِ أَنْ يَنْصَحَ الإِْنْسَانُ نَفْسَهُ فَمَنْ غَشَّهَا فَقَلَّمَا يَنْصَحُ غَيْرَهُ (١) .

وَفِي عَوْنِ الْمَعْبُودِ: وَيَنْبَغِي لِمَنِ اسْتَنْصَحَ أَنْ يُخْلِصَ النَّصِيحَةَ، لأَِنَّهُ مُسْتَشَارٌ يُوَجِّهُ إِلَى مَا فِيهِ رُشْدُ الْمُسْتَشِيرِ وَخَيْرُهُ، فَإِنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ صَوَابٍ فَقَدْ غَشَّهُ فِي مَشُورَتِهِ، رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ (٢)، قَال الطِّيبِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَمِينٌ فِيمَا يُسْأَل مِنَ الأُْمُورِ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَخُونَ الْمُسْتَشِيرَ بِكِتْمَانِ مَصْلَحَتِهِ (٣) .

_________

(١) الذَّرِيعَة إِلَى مَكَارِمَ الشَّرِيعَة ص ٢٩٥.

(٢) حَدِيث: " الْمُسْتَثَار مُؤْتَمَن ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (٥ / ٣٤٥ ط حِمْص) وَالتِّرْمِذِيّ (٥ / ١٢٥ ط الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ وَقَال: حَدِيثٌ حَسَنٌ.

(٣) عَوْن الْمَعْبُودِ شَرْح سُنَنِ أَبِي دَاوُد ط دَار الْفِكْرِ ١٤ / ٣٦، وَفَيْض الْقَدِير ٦ / ٢٦٨.