الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠ -
عَنْهُ: كَذَبْتَ، وَاللَّهِ لاَ يَنْقَلِبُ حَتَّى يُقِرَّ بِمِثْل الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ، فَأَخْبَرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ قَوْل الْحَكَمَيْنِ إِنَّمَا يَكُونُ بِرِضَا الزَّوْجَيْنِ.
وَقَالُوا: لَيْسَ لِلْحَكَمَيْنِ أَنْ يُفَرِّقَا إِلاَّ أَنْ يَرْضَى الزَّوْجَانِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لاَ خِلاَفَ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَقَرَّ بِالإِْسَاءَةِ إِلَيْهَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَى طَلاَقِهَا قَبْل تَحْكِيمِ الْحَكَمَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّتِ الْمَرْأَةُ بِالنُّشُوزِ لَمْ يُجْبِرْهَا الْحَاكِمُ عَلَى خُلْعٍ وَلاَ عَلَى رَدِّ مَهْرِهَا، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ حُكْمُهُمَا قَبْل بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ بَعْثِهِمَا لاَ يَجُوزُ إِيقَاعُ الطَّلاَقِ مِنْ جِهَتِهِمَا مِنْ غَيْرِ رِضَا الزَّوْجِ وَتَوْكِيلِهِ وَلاَ إِخْرَاجِ الْمَهْرِ عَنْ مِلْكِهَا مِنْ غَيْرِ رِضَاهَا، فَلِذَلِكَ لاَ يَجُوزُ خُلْعُهُمَا إِلاَّ بِرِضَا الزَّوْجَيْنِ، وَلأَِنَّ الْحَاكِمَ لاَ يَمْلِكُ التَّفْرِيقَ فَكَيْفَ يَمْلِكُهُ الْحَكَمَانِ، وَإِنَّمَا هُمَا وَكِيلاَنِ لَهُمَا فِي الْخُلْعِ أَوْ فِي التَّفْرِيقِ.
وَقَالُوا: إِنَّ الْحَكَمَيْنِ لاَ يَمْلِكَانِ التَّفْرِيقَ إِلاَّ بِرِضَا الزَّوْجَيْنِ بِالتَّوْكِيل، وَلاَ يَكُونَانِ حَكَمَيْنِ إِلاَّ بِذَلِكَ، ثُمَّ مَا حَكَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَيْفَ يَجُوزُ لِلْحَكَمَيْنِ أَنْ يَخْلَعَا بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيُخْرِجَا الْمَال عَنْ مِلْكِهَا وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: وَلاَ يَحِل لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ (١)
_________
(١) سُورَة الْبَقَرَة / ٢٢٩