الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠ -

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الضَّرْبَ لِتَأْدِيبِ الزَّوْجَةِ النَّاشِزَةِ مَشْرُوعٌ بِتَحَقُّقِ نُشُوزِهَا وَلَوْ لأَِوَّل مَرَّةٍ دُونَ أَنْ يَتَكَرَّرَ النُّشُوزُ، لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ (١) فَتَقْدِيرُهُ: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ، فَإِنْ نَشَزْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ، وَالْخَوْفُ هُنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا (٢) وَالأَْوْلَى بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلأَِنَّ الْمَرْأَةَ صَرَّحَتْ بِنُشُوزِهَا فَكَانَ لِزَوْجِهَا ضَرْبُهَا كَمَا لَوْ أَصَرَّتْ، وَلأَِنَّ عُقُوبَاتِ الْمَعَاصِي لاَ تَخْتَلِفُ بِالتَّكْرَارِ وَعَدَمِهِ كَالْحُدُودِ.

وَرَجَّحَ الرَّافِعِيُّ وَأَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِنْ تَحَقَّقَ نُشُوزُ الزَّوْجَةِ وَلَمْ يَتَكَرَّرْ وَلَمْ يَظْهَرْ إِصْرَارُهَا عَلَيْهِ لاَ يَجُوزُ ضَرْبُهَا، لأَِنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ تَتَأَكَّدْ بِالتَّكْرَارِ، وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ زَجْرُهَا عَنِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ يُبْدَأُ فِيهِ بِالأَْسْهَل (٣) .

وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لِمَشْرُوعِيَّةِ ضَرْبِ

_________

(١) سُورَةُ النِّسَاءِ / ٣٤

(٢) سُورَة الْبَقَرَةِ / ١٨٢

(٣) بَدَائِع الصَّنَائِع ٢ / ٣٣٤، وَالشَّرْح الْكَبِير مَعَ حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيّ ٢ / ٣٤٣، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٧ / ٣٦٩، ومغني المحتاج ٢ / ٢٥٩ - ٢٦٠، وَشَرْح الْمِنْهَاجِ مَعَ الْقَلْيُوبِيّ ٣ / ٣٠٥، وَشَرْح الْمَنْهَجِ مَعَ الْجُمَل ٤ / ٢٨٩، وَشَرْح الْتَّحَرِير مَعَ الشَّرْقَاوَيَّ ٢ / ٢٨٥، وَالمغني ٧ / ٤٦.