الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠ -

قَال الْبَزْدَوِيُّ: إِنَّمَا يَصِيرُ النِّسْيَانُ عُذْرًا فِي حَقِّ الشَّرْعِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ غَفْلَةٍ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ عَنْ غَفْلَةٍ فَلاَ يَكُونُ عُذْرًا، كَنِسْيَانِ الْمَرْءِ مَا حَفِظَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تِذْكَارِهِ بِالتَّكْرَارِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَقَعُ فِيهِ بِتَقْصِيرِهِ فَيَصْلُحُ سَبَبًا لِلْعِتَابِ، وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ الْوَعِيدَ مَنْ نَسِيَ الْقُرْآنَ بَعْدَمَا حَفِظَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّذَكُّرِ بِالتَّذْكَارِ. (١)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ النِّسْيَانَ فِي الْعِبَادَاتِ لاَ يُقْدَحُ وَالْجَهْل يُقْدَحُ؛ لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ الْعِلْمُ بِمَا يُقْدِمُ الإِْنْسَانُ عَلَيْهِ وَاجِبًا كَانَ الْجَاهِل فِي الصَّلاَةِ عَاصِيًا بِتَرْكِ الْعِلْمِ، فَهُوَ كَالْمُتَعَمِّدِ التَّرْكَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ وَجْهُ قَوْل مَالِكٍ: إِنِ الْجَهْل فِي الصَّلاَةِ كَالْعَمْدِ وَالْجَاهِل كَالْمُتَعَمِّدِ لاَ كَالنَّاسِي، وَأَمَّا النَّاسِي فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ، وَأَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى أَنَّ النِّسْيَانَ لاَ إِثْمَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَكَذَلِكَ فَإِنَّ النِّسْيَانَ يَهْجُمُ عَلَى الْعَبْدِ قَهْرًا لاَ حِيلَةَ لَهُ فِي دَفْعِهِ عَنْهُ، وَالْجَهْل لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِهِ بِالتَّعَلُّمِ. (٢)

_________

(١) كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي ٤ / ١٣٩٧.

(٢) الفروق ٢ / ١٤٦ - ١٤٩.