الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠ -
لأَِنَّ الْحُكْمَ قَدْ لاَ يُذْكَرُ فِيهِ مُسْتَنَدُ الْحُكْمِ، وَالأَْكْثَرُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَقْدَحُ فِي حُكْمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ، وَأَصْلُهُ قَوْل سُحْنُونٍ: يُقْبَل قَوْل الْقَاضِي فِيمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ مَجْلِسُ حُكْمِهِ، وَلأَِنَّ مُسْتَنَدَهُ قَدْ يَكُونُ مُخْتَلِفًا فِي اعْتِبَارِهِ مُسْتَنَدًا، فَإِذَا حَكَمَ بِمُقْتَضَاهُ ارْتَفَعَ الْخِلاَفُ فِيهِ، وَكَانَ الْحُكْمُ طَرِيقَ الثُّبُوتِ.
وَفِي الْفِقْهِ الْمَالِكِيِّ يَكْثُرُ التَّنْبِيهُ فِي نَوَازِل النَّسَبِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي بِالإِْرْثِ لِمُدَّعِي النَّسَبِ فِي الأَْحْوَال الْمُخْتَلَفِ فِيهَا يُمْضَى، فَإِذَا وَقَعَ الاِسْتِظْهَارُ بِحُكْمِ قَاضٍ بِثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدٍ غَيْرِهِ مَذْكُورٍ فِيهِ مُسْتَنَدُ الْحَاكِمِ لَمْ يَسَعِ الْقَاضِي - الْمُسْتَظْهَرُ لَدَيْهِ بِذَلِكَ الْحُكْمِ - إِلاَّ أَنْ يَقُول: ثَبَتَ ذَلِكَ بِحُكْمِ الْقَاضِي فُلاَنٍ.
قَال الْجَزِيرِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِذَا انْصَرَمَتِ الآْجَال وَعَجَزَ الطَّالِبُ عَجَّزَهُ الْقَاضِي وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ، وَيَصِحُّ التَّعْجِيزُ فِي كُل شَيْءٍ يُدْعَى فِيهِ إِلاَّ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ: الدِّمَاءَ، وَالأَْحْبَاسَ، وَالْعِتْقَ، وَالطَّلاَقَ، وَالنَّسَبَ، وَبِهِ قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ. (١)
وَضَابِطُهُ كُل حَقٍّ لَيْسَ لِمُدَّعِيهِ إِسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَمِنْهَا دَعْوَى نَسَبٍ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِبَيِّنَةٍ، وَلَمْ يَأْتِ بِهَا بَعْدَ التَّلَوُّمِ، فَلاَ يُعَجَّزُ، فَمَتَى أَقَامَهَا
_________
(١) التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل ٦ / ١٣٢، ١٣٣ ط دار الفكر.