الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠ -
بِنَذْرِكَ (١)، فَرَسُول اللَّهِ ﷺ أَمَرَ عُمَرَ ﵁ بِالْوَفَاءِ بِمَا نَذَرَ مِنَ الاِعْتِكَافِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلَوْ كَانَ يُجْزِئُ الاِعْتِكَافُ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ لَبَيَّنَهُ لَهُ، كَمَا بَيَّنَ لِمَنْ نَذَرَ الصَّلاَةَ فِي الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا نَذَرَهُ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ؛ لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا قَامَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ رَكْعَتَيْنِ، قَال: صَل هَهُنَا، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَال: صَل هَهُنَا، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَال: شَأْنُكَ إِذَنْ (٢)، فَدَل هَذَا عَلَى أَنَّهُ لاَ يُجْزِئُ النَّاذِرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ.
وَأَمَّا الْمَعْقُول فَقَالُوا: إِنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَفْضَل مِنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ فَرْضُهُ بِمَا دُونَهُ (٣) .
وَقَالُوا: إِنَّ النَّاذِرَ قَدْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الاِعْتِكَافَ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ، فَإِذَا أَدَّى فِي غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ مُؤَدِّيًا مَا عَلَيْهِ، فَلاَ يَخْرُجُ عَنْ
_________
(١) حديث: " أوف بنذرك. . . " تقدم تخريجه (ف ٥) .
(٢) حديث: " إني نذرت لله إن فتح الله عليك مكة. . . " أخرجه أبو داود (٣ / ٦٠٢ ط حمص)، وصححه ابن دقيق العيد كما في التلخيص لابن حجر (٤ / ٤٣٦ - ط دار الكتب العلمية)
(٣) المجموع ٦ / ٤٧٩، والمغني ٣ / ٢١٥.