الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠ - حرف النون - نذر - أقسام النذر - نذر التصدق بكل ما يملك - الاتجاه الرابع
مَالِي كُلِّهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ﷺ صَدَقَةً، قَال: لاَ، قُلْتُ: فَنِصْفُهُ. قَال: لاَ، قُلْتُ: فَثُلُثُهُ؛ قَال: نَعَمْ، قَلْتُ: فَإِنِّي سَأُمْسِكُ سَهْمِي مِنْ خَيْبَرَ (١) فَقَدْ أَفَادَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِكُل مَا يَمْلِكُ مِنْ مَالٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِهِ كَمَا هُوَ مَنْطُوقُ الْحَدِيثَيْنِ.
الاِتِّجَاهُ الرَّابِعُ: يَرَى مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِكُل مَا لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ.
وَهَذَا الاِتِّجَاهُ هُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ كَمَا رُوِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا قَالاَ: يَتَصَدَّقُ بِهَذَا الْمَال عَلَى بَنَاتِهِ، وَصَحَّ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا يُلْزِمَانِهِ مَا جَعَل عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
قَال هَؤُلاَءِ: فَإِنْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَإِلْزَامُ النَّاذِرِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِكُل مَا لَهُ هُوَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ (٢) .
وَاسْتَدَل أَصْحَابُ هَذَا الاِتِّجَاهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ
_________
(١) حَدِيث: " سَأُمْسِكُ سَهْمِي مِنْ خَيْبَرَ. . . " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (٣ / ٦١٤ - ط حِمْص)
(٢) رَوْضَة الطَّالِبِينَ ٣ / ٢٩٧، وَالْمُغْنِي ٩ / ٨، وَالْبَدَائِع ٦ / ٢٨٧٢ - ٢٨٧٣ ط مَطْبَعَة الإِْمَام.