الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠ -
وَاسْتَدَل أَصْحَابُ هَذَا الاِتِّجَاهِ بِالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُول.
أَمَّا السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ فَبِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ قَال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ النَّذْرِ، وَقَال: إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيل (١) .
وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْهُ: نَهْيُ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنِ النَّذْرِ فِي الْحَدِيثِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهِيَ الْحُرْمَةُ، قَال الْقُرْطُبِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ لِي هُوَ التَّحْرِيمُ فِي حَقِّ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ أَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ حُصُول غَرَضٍ مُعَجَّلٍ، أَوْ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَل ذَلِكَ الْغَرَضَ لأَِجْل النَّذْرِ فَيَكُونُ الإِْقْدَامُ عَلَى النَّذْرِ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - مُحَرَّمًا. وَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ (٢) .
وَأَمَّا الْمَعْقُول فَقَالُوا: إِنَّ النَّذْرَ لَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَفَعَلَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوهُ، وَعَدَمُ فِعْلِهِمْ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ (٣) .
_________
(١) حَدِيث: " نَهَى رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنِ النَّذْرِ. . . " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي ١١ / ٤٩٩ ط السَّلَفِيَّة)، وَمُسْلِم (٣ / ١٢٦١ ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) وَاللَّفْظ لِلْبُخَارِيِّ.
(٢) مَوَاهِب الْجَلِيل ٣ / ٣١٩ - ٣٢٠، وَالْمُغْنِي ٩ / ١، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٦ / ٢٧٣.
(٣) الْمُغْنِي ٩ / ١، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٦ / ٢٧٣.