الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠ -
٣٧ - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ مَاءَ الْبِئْرِ كَغَيْرِهِ فِي قَبُول النَّجَاسَةِ وَزَوَالِهَا، فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَتَنَجَّسَ بِوُقُوعِ نَجَاسَةٍ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُنْزَحَ لِيَنْبُعَ الْمَاءُ الطَّهُورُ بَعْدَهُ، لأَِنَّهُ وَإِنْ نُزِحَ فَقَعْرُ الْبِئْرِ يَبْقَى نَجِسًا، وَقَدْ تَنْجُسُ جُدْرَانُ الْبِئْرِ أَيْضًا بِالنَّزْحِ، بَل يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ لِيَزْدَادَ فَيَبْلُغَ حَدَّ الْكَثْرَةِ.
وَإِنْ كَانَ نَبْعُهَا قَلِيلًا لاَ تُتَوَقَّعُ كَثْرَتُهُ صُبَّ فِيهَا مَاءٌ لِيَبْلُغَ الْكَثْرَةَ وَيَزُول التَّغَيُّرُ إِنْ كَانَ تَغَيَّرَ.
وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا طَاهِرًا وَتَفَتَّتَ فِيهِ شَيْءٌ نَجِسٌ كَفَأْرَةٍ تَمَعَّطَ شَعْرُهَا فَقَدْ يَبْقَى عَلَى طَهُورِيَّتِهِ لِكَثْرَتِهِ وَعَدَمِ التَّغَيُّرِ، لَكِنْ يَتَعَذَّرُ اسْتِعْمَالُهُ، لأَِنَّهُ لاَ يَنْزَحُ دَلْوًا إِلاَّ وَفِيهِ شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَقَى الْمَاءُ كُلُّهُ لِيَخْرُجَ الشَّعْرُ مِنْهُ.
فَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ فَوَّارَةً وَتَعَذَّرَ نَزْحُ الْجَمِيعِ نَزَحَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الشَّعْرَ خَرَجَ كُلُّهُ مَعَهُ، فَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْبِئْرِ وَمَا يَحْدُثُ طَهُورٌ لأَِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَيْقِنِ النَّجَاسَةِ وَلاَ مَظْنُونِهَا، وَلاَ يَضُرُّ احْتِمَال بَقَاءِ الشَّعْرِ.
فَإِنْ تَحَقَّقَ شَعْرًا بَعْدَ ذَلِكَ حَكَمَ بِهِ، فَأَمَّا قَبْل النَّزْحِ إِلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لاَ يَخْلُو كُل دَلْوٍ عَنْ شَيْءٍ مِنَ النَّجَاسَةِ لَكِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهُ فَفِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ قَوْلاَنِ (١) .
_________
(١) رَوْضَة الطَّالِبِينَ ١ / ٢٥ ط الْمَكْتَب الإِْسْلاَمِيّ، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ ١ / ٦٣ - ٦٧.