الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠ -
كَمَا يُكْرَهُ عِنْدَهُمْ أَخْذُ النِّثَارِ مِنَ الْهَوَاءِ بِإِزَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ أَوِ الْتَقَطَهُ أَوْ بَسَطَ حِجْرَهُ لَهُ فَوَقَعَ فِيهِ مَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْسُطْ حِجْرَهُ لَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ تَمَلُّكٍ وَلاَ فِعْلٍ، نَعَمْ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَوْ سَقَطَ مَنْ حِجْرِهِ قَبْل أَنْ يَقْصِدَ أَخْذَهُ أَوْ قَامَ فَسَقَطَ بَطَل اخْتِصَاصُهُ بِهِ، وَلَوْ نَفَضَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى الأَْرْضِ أَيْ فَيَبْطُل اخْتِصَاصُهُ بِهِ (١) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَا يُنْثَرُ عَلَيْهِمْ لِيَأْكُلُوهُ عَلَى وَجْهِ مَا يُؤْكَل دُونَ أَنْ يُنْتَهَبَ فَانْتِهَابُهُ حَرَامٌ لاَ يَحِل وَلاَ يَجُوزُ، لأَِنَّ مُخْرِجَهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَتَسَاوَوْا فِي أَكْلِهِ عَلَى وَجْهِ مَا يُؤْكَل، فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَأْكُل مِنْهُ مَعَ أَصْحَابِهِ عَلَى وَجْهِ الأَْكْل فَقَدْ أَخَذَ حَرَامًا وَأَكَل سُحْتًا.
وَأَمَّا مَا يُنْثَرُ عَلَيْهِمْ لِيَنْتَهِبُوهُ فَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ، وَتَأَوَّل أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الاِنْتِهَابِ إِنَّمَا مَعْنَاهُ انْتِهَابُ مَا لَمْ يُؤْذَنْ فِي انْتِهَابِهِ (٢) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ حَصَل فِي حِجْرِهِ شَيْءٌ مِنْهُ - أَيْ مِنَ النِّثَارِ - فَهُوَ لَهُ، وَكَذَا مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهُ فَهُوَ لَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فِيهِمَا مُطْلَقًا، وَقِيل: لاَ يَمْلِكُهُ إِلاَّ بِالْقَصْدِ (٣) .
_________
(١) شرح المنهج وحاشية الجمل ٤ / ٢٧٨، ونهاية المحتاج ٦ / ٣٧١، ومغني المحتاج ٣ / ٢٣٩ وما بعدها.
(٢) مواهب الجليل ٤ / ٦ بتصرف.
(٣) الإنصاف ٨ / ٣٤٠، ٣٤١.