الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - اشتباه - أسباب الاشتباه - - الشك (بالمعنى الأعم يشمل أيضا الظن والوهم)
و- الشَّكُّ (بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ يَشْمَل أَيْضًا الظَّنَّ وَالْوَهْمَ):
١٤ - وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِيمَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ مِنْ أَنَّهُ لاَ وُضُوءَ عَلَيْهِ، إِذِ الْيَقِينُ لاَ يَزُول بِالشَّكِّ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ (١)، غَيْرَ أَنَّهُ نُقِل عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: مَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ، وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ اسْتِحْبَابٌ وَاحْتِيَاطٌ (٢)، كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَيْقَنَ بِالْحَدَثِ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ شَكَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ وَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ (٣)، لأَِنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَى السَّوَاءِ أَمْ كَانَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ أَرْجَحَ (٤) . وَعَلَى هَذَا فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَحَدُهُمَا أَوْ يَتَسَاوَى الأَْمْرَانِ عِنْدَهُمَا، لأَِنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ إِذَا لَمْ تَكُنْ مَضْبُوطَةً بِضَابِطٍ شَرْعِيٍّ لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا، وَلأَِنَّهُ إِذَا شَكَّ تَعَارَضَ عِنْدَهُ الأَْمْرَانِ، فَيَجِبُ سُقُوطُهُمَا كَالْبَيِّنَتَيْنِ إِذَا تَعَارَضَتَا، وَيَرْجِعُ إِلَى الْيَقِينِ (٥)
وَقَالُوا: مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَالْحَدَثَ مَعًا وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ الأَْمْرُ فَلَمْ يَعْلَمْ الأَْخِيرُ مِنْهُمَا وَالأَْسْبَقُ فَيُعْمَل بِضِدِّ مَا قَبْلَهُمَا، فَإِنْ كَانَ قَبْل ذَلِكَ مُحْدِثًا فَهُوَ الآْنَ مُتَطَهِّرٌ، لأَِنَّهُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدَثِ وَشَكَّ
_________
(١) حاشية ابن عابدين ١ / ١٠٢، والتاج والإكليل ١ / ٣٠١، ونهاية المحتاج ١ / ٩١٤، والمهذب ١ / ٣٢، والمغني ١ / ١٩٦.
(٢) التاج والإكليل ١ / ٣٠١.
(٣) المراجع السابقة.
(٤) نهاية المحتاج ١ / ١١٤.
(٥) المغني ١ / ١٩٧.