الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - إشارة - صفتها (الحكم الإجمالي) - إشارة الناطق - إشارة المحتضر إلى الجاني عليه

إِشَارَةُ الْمُحْتَضَرِ إِلَى الْجَانِي عَلَيْهِ:

٢١ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ قَوْل الْمُحْتَضَرِ: قَتَلَنِي فُلاَنٌ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ لَوْثًا، لأَِنَّهُ لاَ يُقْبَل دَعْوَاهُ عَلَى الْغَيْرِ بِالْمَال، فَلاَ يُقْبَل ادِّعَاؤُهُ عَلَيْهِ بِالدَّمِ، وَلأَِنَّهُ مُدَّعٍ فَلاَ يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ (١) . لِحَدِيثِ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لاَدَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ (٢) فَإِذَا لَمْ تُعْتَبَرْ أَقْوَالُهُ فَلاَ تُقْبَل إِشَارَتُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَال الْمُحْتَضَرُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِل: قَتَلَنِي فُلاَنٌ عَمْدًا، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا، فَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ بَعْدَ حَلِفِ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ يَمِينَ الْقَسَامَةِ.

أَمَّا إِذَا قَال: قَتَلَنِي خَطَأً، فَفِي ذَلِكَ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: لاَ يُقْبَل قَوْلُهُ، لأَِنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إِغْنَاءَ وَرَثَتِهِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ قَوْلَهُ يُقْبَل، وَتَكُونُ مَعَهُ الْقَسَامَةُ، وَلاَ يُتَّهَمُ، لأَِنَّهُ فِي حَالٍ يُصَدَّقُ فِيهِ الْكَاذِبُ، وَيَتُوبُ فِيهِ الْفَاجِرُ، فَمَنْ تَحَقَّقَ مَصِيرُهُ إِلَى الآْخِرَةِ وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ فَلاَ يُتَّهَمُ فِي إِرَاقَةِ دَمِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا، وَغَلَبَةُ الظَّنِّ فِي هَذَا يَنْزِل مَنْزِلَةَ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي صِدْقِ الشَّاهِدِ، وَالْغَالِبُ مِنْ أَحْوَال النَّاسِ عِنْدَ الْمَوْتِ التَّوْبَةُ وَالاِسْتِغْفَارُ وَالنَّدَمُ عَلَى التَّفْرِيطِ. وَتَزَوُّدُهُ مِنْ

_________

(١) المجموع للنووي ١٩ / ٣٨٠، والمغني لابن قدامة ٨ / ٥٠١، والجمل على شرح المنهج ٥ / ١٠٦، وروضة الطالبين ١٠ / ١١.

(٢) حديث: " لو يعطى الناس. . . " أخرجه البخاري ضمن قصة من حديث ابن عباس ﵄، ومسلم - واللفظ له - مرفوعا، ولم يذكر القصة (فتح الباري ٨ / ٢١٣ ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٣ / ١٣٣٦ ط عيسى الحلبي ١٣٧٥ هـ) .