الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ -
وَهِيَ هَذِهِ الأُْمَّةُ فَقَال: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ الآْيَةَ (١)، وَهُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ، فَبَعَثَ مُحَمَّدًا إِلَيْهِمْ، وَسَمَّاهُمْ مُسْلِمِينَ (٢) .
فَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ أُمَّةً بِالإِْسْلاَمِ غَيْرَ هَذِهِ الأُْمَّةِ، وَلَمْ يُسْمَعْ بِأُمَّةٍ ذُكِرَتْ بِهِ غَيْرُهَا.
٤ - وَقَال الإِْمَامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (٣): وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِيمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أُمَّةِ مُوسَى وَعِيسَى هَل هُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ لاَ؟ فَالإِْسْلاَمُ الْحَاضِرُ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا ﷺ الْمُتَضَمِّنُ لِشَرِيعَةِ الْقُرْآنِ، لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ وَالإِْسْلاَمُ الْيَوْمَ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ يَتَنَاوَل هَذَا.
وَأَمَّا الإِْسْلاَمُ الْعَامُّ الْمُتَنَاوِل لِكُل شَرِيعَةٍ بَعَثَ اللَّهُ بِهَا نَبِيًّا، فَإِنَّهُ إِسْلاَمُ كُل أُمَّةٍ مُتَّبِعَةٍ لِنَبِيٍّ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ.
وَعَلَى هَذَا الأَْسَاسِ يُمْكِنُ أَنْ تُفْهَمَ كُل الآْيَاتِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي تَعَرَّضَ فِيهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مُسْتَعْمَلَةً بِالنِّسْبَةِ لِلأُْمَمِ الأُْخْرَى، إِمَّا عَلَى أَنَّهَا تُشِيرُ إِلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لِمَادَّةِ أَسْلَمَ، أَوْ أَنَّهَا تُشِيرُ إِلَى الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ كُلِّهَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ جَمِيعَ الرُّسُل، وَإِلَيْهِ الإِْشَارَةُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الآْيَاتِ، وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُل أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ . (٤)
_________
(١) سورة البقرة / ١٢٩.
(٢) عن فتاوى أحمد بن حجر الهيثمي ص ١٢٦.
(٣) مجموعة فتاوى ابن تيمية ٣ / ٩٤ طبع المملكة السعودية.
(٤) سورة النحل / ٣٦.