الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - إسلام - الألفاظ ذات الصلة - الإيمان - إطلاق الإسلام على ملل الأنبياء السابقين وأتباعهم
إِطْلاَقُ الإِْسْلاَمِ عَلَى مِلَل الأَْنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ:
٣ - اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الإِْسْلاَمِ فِي ذَلِكَ، فَبَعْضُهُمْ يَرَى أَنَّ الإِْسْلاَمَ يُطْلَقُ عَلَى الْمِلَل السَّابِقَةِ. وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَاَلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ (١) الآْيَةَ، وَآيَاتٍ أُخْرَى.
وَيَرَى آخَرُونَ: أَنَّهُ لَمْ تُوصَفْ بِهِ الأُْمَمُ السَّابِقَةُ، وَإِنَّمَا وُصِفَ بِهِ الأَْنْبِيَاءُ فَقَطْ، وَشُرِّفَتْ هَذِهِ الأُْمَّةُ بِأَنْ وُصِفَتْ بِمَا وُصِفَ بِهِ الأَْنْبِيَاءُ، تَشْرِيفًا لَهَا وَتَكْرِيمًا.
وَوَجْهُ اخْتِصَاصِ الأُْمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِهَذَا الاِسْمِ " الإِْسْلاَمِ " هُوَ: أَنَّ الإِْسْلاَمَ اسْمٌ لِلشَّرِيعَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْعِبَادَاتِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَذِهِ الأُْمَّةِ، مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَالْغُسْل مِنَ الْجَنَابَةِ، وَالْجِهَادِ، وَنَحْوِهَا. وَذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ كَثِيرٍ غَيْرِهِ خَاصٍّ بِهَذِهِ الأُْمَّةِ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الأُْمَمِ، وَإِنَّمَا كُتِبَ عَلَى الأَْنْبِيَاءِ فَقَطْ.
وَيُؤَكِّدُ هَذَا الْمَعْنَى - وَهُوَ اخْتِصَاصُ الأُْمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِاسْمِ الإِْسْلاَمِ - قَوْله تَعَالَى: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾ . (٢) فَالضَّمِيرُ (هُوَ) يَرْجِعُ لإِبْرَاهِيمَ ﵇، كَمَا يَرَاهُ عُلَمَاءُ السَّلَفِ لِسَابِقِيَّةِ قَوْلِهِ فِي الآْيَةِ الأُْخْرَى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ . (٣) فَدَعَا بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلِوَلَدِهِ، ثُمَّ دَعَا لأُِمَّةٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ،
_________
(١) سورة الشورى / ١٣.
(٢) سورة الحج / ٧٨.
(٣) سورة البقرة / ١٢٨.