الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ -
الْمُسْتَقْبَل. وَمِثَال ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي خَبَايَا الزَّوَايَا: لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ قَبْل الْقَبْضِ، وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِ الْفَسْخِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ، يُمَكَّنُ مِنَ الْفَسْخِ، لأَِنَّ التَّسْلِيمَ مُسْتَحَقٌّ لَهُ فِي الأَْوْقَاتِ كُلِّهَا، وَالإِْسْقَاطُ يُؤَثِّرُ فِي الْحَال دُونَ مَا يُسْتَحَقُّ مِنْ بَعْدُ (١) .
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَوْ أَسْقَطَتِ الزَّوْجَةُ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ، لأَِنَّهَا أَسْقَطَتِ الْكَائِنَ، وَحَقُّهَا يَثْبُتُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَلاَ يَسْقُطُ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَلاَ يَرِدُ أَنَّ السَّاقِطَ لاَ يَعُودُ، لأَِنَّ الْعَائِدَ غَيْرُ السَّاقِطِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا (٢) . وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ قَاعِدَةً فِي ذَلِكَ فَقَال: الأَْصْل أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْحُكْمِ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا وَالْحُكْمُ مَعْدُومٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ، وَإِنْ عُدِمَ الْمُقْتَضِي فَهُوَ مِنْ بَابِ السَّاقِطِ (٣) .
فَهُنَاكَ فَرْقٌ إِذَنْ بَيْنَ وُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ، ثُمَّ سَقَطَ الْحُكْمُ لِمَانِعٍ، فَإِذَا زَال الْمَانِعُ مَعَ وُجُودِ الْمُقْتَضِي عَادَ الْحُكْمُ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا عُدِمَ الْمُقْتَضِي فَلاَ يَعُودُ الْحُكْمُ.
وَمِنْ ذَلِكَ حَقُّ الْحَضَانَةِ. جَاءَ فِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ (٤): لاَ حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ، وَلاَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَلاَ تَزْوِيجَ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ مَحْضُونٍ. وَبِمُجَرَّدِ زَوَال الْمَانِعِ مِنْ فِسْقٍ أَوْ كُفْرٍ، أَوْ تَزَوُّجٍ بِأَجْنَبِيٍّ، وَبِمُجَرَّدِ رُجُوعِ مُمْتَنِعٍ مِنْ حَضَانَةٍ يَعُودُ الْحَقُّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ، لِقِيَامِ سَبَبِهَا مَعَ زَوَال الْمَانِعِ.
هَذَا مَعَ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، هَل الْحَضَانَةُ
_________
(١) خبايا الزوايا ص ٢٤٧ م / ٢٣٩.
(٢) حاشية ابن عابدين ٢ / ٦٣٦، ومنتهى الإرادات ٣ / ١٠٣، وفتح العلي المالك ١ / ٣١٥.
(٣) الأشباه لابن نجيم ص ٣١٨.
(٤) شرح منتهى الإرادات ٣ / ٢٦٤، ٢٦٥.