الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - إسقاط - محل الإسقاط - ما لا يقبل الإسقاط - الحق - ما لا يقبل الإسقاط من حقوق الله تعالى - الولاية على الصغير
وَنُقِل عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ إِقَامَتُهُ إِذَا كَانَ فِي حَقِّ اللَّهِ. وَعَنِ الإِْمَامَيْنِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ أَنَّ مَا كَانَ مِنَ التَّعْزِيرِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، كَوَطْءِ جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ فَيَجِبُ امْتِثَال الأَْمْرِ فِيهِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى الإِْمَامِ. (١)
٤٩ - وَمَا دَامَتْ حُدُودُ اللَّهِ لاَ تَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنَ الْعِبَادِ، فَبِالتَّالِي لاَ يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْ إِسْقَاطِهَا، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يُصَالِحَ سَارِقًا أَوْ شَارِبًا لِيُطْلِقَهُ وَلاَ يَرْفَعَهُ لِلسُّلْطَانِ، لأَِنَّهُ لاَ يَصِحُّ أَخْذُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَتِهِ. وَكَذَا لاَ يَصِحُّ أَنْ يُصَالِحَ شَاهِدًا عَلَى أَلاَّ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ لِلَّهِ أَوْ لآِدَمِيٍّ، لأَِنَّ الشَّاهِدَ فِي إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ مُحْتَسَبٌ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ (٢) وَالصُّلْحُ عَنْ حُقُوقِ اللَّهِ ﷿ بَاطِلٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ، لأَِنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. (٣)
وَهُنَاكَ أَيْضًا مَا يُعْتَبَرُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى مِمَّا شُرِعَ أَصْلًا لِمَصْلَحَةِ الْعِبَادِ، وَلِذَلِكَ لاَ يَسْقُطُ بِالإِْسْقَاطِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُنَافَاةِ الإِْسْقَاطِ لِمَا هُوَ مَشْرُوعٌ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ:
الْوِلاَيَةُ عَلَى الصَّغِيرِ:
٥٠ - مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ وَصْفًا ذَاتِيًّا لِصَاحِبِهَا، وِلاَيَةُ الأَْبِ عَلَى الصَّغِيرِ، فَهِيَ لاَزِمَةٌ لَهُ وَلاَ تَنْفَكُّ عَنْهُ، فَحَقُّهُ ثَابِتٌ بِإِثْبَاتِ الشَّرْعِ، فَهِيَ حَقٌّ عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ لاَ تَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ،
_________
(١) الدسوقي ٤ / ٣٥٤، والتبصرة ٢ / ٣٠٣، والحطاب ٦ / ٣٢٠، وابن عابدين ٣ / ١٨٦، ١٨٧، والمهذب ٢ / ٢٧٥، والمغني ٨ / ٣٢٦.
(٢) سورة الطلاق / ٢.
(٣) البدائع ٦ / ٤٨، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٦٦.