الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ -
ثَبَتَتْ لِلْعَبْدِ بِمُقْتَضَى الشَّرِيعَةِ كَحَقِّ الْوِلاَيَةِ عَلَى الصَّغِيرَةِ، حَقُّ اللَّهِ هَذَا لاَ يَجُوزُ لأَِحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ إِسْقَاطُهُ، لأَِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ، بَل إِنَّ مَنْ حَاوَل ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقَاتَل، كَمَا فَعَل أَبُو بَكْرٍ ﵁ بِمَانِعِي الزَّكَاةِ. (١) حَتَّى إِنَّ السُّنَنَ الَّتِي فِيهَا إِظْهَارُ الدِّينِ، وَتُعْتَبَرُ مِنْ شَعَائِرِهِ، كَالأَْذَانِ، لَوِ اتَّفَقَ أَهْل بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهِ وَجَبَ قِتَالُهُمْ. (٢)
٤٦ - كَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ التَّحَيُّل عَلَى إِسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ، كَمَنْ دَخَل عَلَيْهِ وَقْتُ صَلاَةٍ، فَشَرِبَ خَمْرًا أَوْ دَوَاءً مُنَوِّمًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا - وَهُوَ فَاقِدٌ لِعَقْلِهِ - كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. وَكَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَقْدِرُ بِهِ عَلَى الْحَجِّ، فَوَهَبَهُ كَيْلاَ يَجِبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ (٣) .
٤٧ - وَتَحْرُمُ الشَّفَاعَةُ لإِسْقَاطِ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى. وَفِي السَّرِقَةِ كَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ، لأَِنَّ الْحَدَّ فِيهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: أُتِيَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِسَارِقٍ قَدْ سَرَقَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ، فَقِيل: يَا رَسُول اللَّهِ مَا كُنَّا نَرَاكَ تَبْلُغُ بِهِ هَذَا، قَال: لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ لأَقَمْتُ عَلَيْهَا الْحَدَّ. (٤) وَرَوَى عُرْوَةُ قَال: شَفَعَ
_________
(١) المغني ٢ / ٥٧٢، والأثر أخرجه البخاري ضمن حديث طويل عن أبي هريرة ﵁ أن أبا بكر رضي عنه قال: " والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها. . . " (فتح الباري ٣ / ٢٦٢ ط السلفية) .
(٢) الاختيار ١ / ٤٢، ومنح الجليل ١ / ١١٧.
(٣) الموافقات ٢ / ٣٧٩ و٤ / ٢٠١، والشرح الصغير ١ / ٦٠٠ ط دار المعارف، والمغني ٢ / ٥٣٤ ط المنار.
(٤) حديث " أتي رسول الله ﷺ بسارق. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة ﵂، ولفظ البخاري: " أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله ﷺ؟ ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله ﷺ، فكلم رسول الله ﷺ فقال: أتشفع (فتح الباري ١٢ / ٨٧ ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٣ / ١٣١٥ ط عيسى الحلبي) .