الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - إسقاط - محل الإسقاط - ما لا يقبل الإسقاط - الحق - ما لا يقبل الإسقاط من حقوق الله تعالى

وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ أَمَانَةً، فَالْبَرَاءَةُ عَنْهَا لاَ تَصِحُّ دِيَانَةً، بِمَعْنَى أَنَّ مَالِكَهَا إِذَا ظَفِرَ بِهَا أَخَذَهَا. وَتَصِحُّ قَضَاءً، فَلاَ يَسْمَعُ الْقَاضِي دَعْوَاهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ. وَقَدْ قَالُوا: الإِْبْرَاءُ عَنِ الأَْعْيَانِ بَاطِلٌ دِيَانَةً لاَ قَضَاءً. وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تَكُونُ مِلْكًا لَهُ بِالإِْبْرَاءِ، وَإِنَّمَا الإِْبْرَاءُ عَنْهَا صَحِيحٌ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ، أَوْ يُحْمَل عَلَى الأَْمَانَةِ. وَيَقُول الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْمُعَيَّنَاتِ يَسْقُطُ بِهَا الطَّلَبُ بِقِيمَتِهَا إِذَا فَاتَتْ، وَالطَّلَبُ بِرَفْعِ الْيَدِ عَنْهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ، إِلاَّ إِنَّهُ نُقِل عَنِ الْمَازِرِيِّ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الإِْبْرَاءَ يَشْمَل الأَْمَانَاتِ وَهِيَ مُعَيَّنَاتٌ (وَهَذَا فِي الإِْبْرَاءِ الْعَامِّ) . كَذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بِأَنَّ الإِْسْقَاطَ فِي الْمُعَيَّنِ، وَالإِْبْرَاءُ أَعَمُّ مِنْهُ يَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ (١) .

ب - الْحَقُّ:

ذُكِرَ فِيمَا سَبَقَ مَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنَ الْحُقُوقِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ أَمْ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ، وَنَذْكُرُ فِيمَا يَلِي مَا لاَ يَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنْهُمَا.

مَا لاَ يَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى:

٤٥ - الأَْصْل أَنَّ حَقَّ اللَّهِ لاَ يَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ إِلَى صَاحِبِ الشَّرْعِ لاِعْتِبَارَاتٍ خَاصَّةٍ، كَالتَّخْفِيفِ عَنِ الْعِبَادِ عَلَى مَا سَبَقَ. فَحَقُّ اللَّهِ الْخَالِصُ مِنَ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، وَمِنَ الْعُقُوبَاتِ كَحَدِّ الزِّنَى وَحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَمِنَ الْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي

_________

(١) منح الجليل ٣ / ٤٢٦.