الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - أسرى - أسرى المسلمين في يد الأعداء - استئسار المسلم وما ينبغي لاستنقاذه عند تترس الكفار به - التترس بأسارى المسلمين - رمي الترس
يُقَال: تَتَرَّسَ بِالتُّرْسِ إِذَا تَوَقَّى بِهِ (١)، وَمِنْ ذَلِكَ تَتَرُّسُ الْمُشْرِكِينَ بِالأَْسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ فِي الْقِتَال، لأَِنَّهُمْ يَجْعَلُونَهُمْ كَالتِّرَاسِ، فَيَتَّقُونَ بِهِمْ هُجُومَ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، لأَِنَّ رَمْيَ الْمُشْرِكِينَ - مَعَ تَتَرُّسِهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ - يُؤَدِّي إِلَى قَتْل الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ نَحْرِصُ عَلَى حَيَاتِهِمْ وَإِنْقَاذِهِمْ مِنَ الأَْسْرِ. وَقَدْ عُنِيَ الْفُقَهَاءُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَتَنَاوَلُوهَا مِنْ نَاحِيَةِ جَوَازِ الرَّمْيِ مَعَ التَّتَرُّسِ بِالْمُسْلِمِينَ أَوِ الذِّمِّيِّينَ، كَمَا تَنَاوَلُوهَا مِنْ نَاحِيَةِ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَالدِّيَةِ، وَإِلَيْكَ اتِّجَاهَاتُ الْمَذَاهِبِ فِي هَذَا:
أ - رَمْيُ التُّرْسِ:
٦٤ - مِنْ نَاحِيَةِ رَمْيِ التُّرْسِ: يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي تَرْكِ الرَّمْيِ خَطَرٌ مُحَقَّقٌ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الرَّمْيُ بِرَغْمِ التَّتَرُّسِ، لأَِنَّ فِي الرَّمْيِ دَفْعَ الضَّرَرِ الْعَامِّ بِالذَّبِّ عَنْ بَيْضَةِ الإِْسْلاَمِ، وَقَتْل الأَْسِيرِ ضَرَرٌ خَاصٌّ. وَيُقْصَدُ عِنْدَ الرَّمْيِ الْكُفَّارُ لاَ التُّرْسُ، لأَِنَّهُ إِنْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ فِعْلًا فَقَدْ أَمْكَنَ قَصْدًا، وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّ الْقَوْل لِلرَّامِي بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ قَصَدَ الْكُفَّارَ، وَلَيْسَ قَوْل وَلِيِّ الْمَقْتُول الَّذِي يَدَّعِي الْعَمْدَ. (٢)
_________
(١) حاشية الشلبي بهامش تبيين الحقائق ٣ / ٢٤٣.
(٢) فتح القدير والعناية ٤ / ٢٨٧، والبدائع ٧ / ١٠٠، ١٠١، وحاشية ابن عابدين ٣ / ٦٢٣، وحاشية الدسوقي ٢ / ١٧٨، والشرح الصغير وبلغة السالك عليه ١ / ٣٥٧، ومنهج الطلاب وشرحه فتح الوهاب ١ / ١٧٢، وحاشية الجمل ٥ / ١٢٤، والأحكام السلطانية للماوردي ص ٤٢ الطبعة الأولى لمصطفى الحلبي، والأم ٤ / ١٦٣، والمغني ١٠ / ٥٠٥، والإنصاف ٤ / ١٢٩.