الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - أسرى - ما يكون به الاختيار

الْجِزْيَةِ مِنْهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ، كَأَهْل الْكِتَابِ وَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ مِنَ الْعَجَمِ، وَمَنْ لاَ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُ، كَالْمُرْتَدِّينَ وَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ. (١)

رُجُوعُ الإِْمَامِ فِي اخْتِيَارِهِ:

٢٩ - لَمْ نَقِفْ فِيمَا رَجَعْنَا إِلَيْهِ مِنْ كُتُبٍ عَلَى مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا، إِلاَّ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ الشَّافِعِيُّ مِنْ قَوْلِهِ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا فِيمَا عَلِمْتُ إِلَى أَنَّ الإِْمَامَ لَوِ اخْتَارَ خَصْلَةً لَهُ الرُّجُوعِ عَنْهَا أَوْ لاَ، وَلاَ إِلَى أَنَّ اخْتِيَارَهُ هَل يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ أَوْ لاَ. وَقَال: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ لاَ بُدَّ مِنْهُ، فَلَوِ اخْتَارَ خَصْلَةً وَظَهَرَ لَهُ بِالاِجْتِهَادِ أَنَّهَا الأَْحَظُّ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الأَْحَظَّ غَيْرُهَا، فَإِنْ كَانَتْ رِقًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا مُطْلَقًا، لأَِنَّ الْغَانِمِينَ وَأَهْل الْخُمُسِ مَلَكُوا بِمُجَرَّدِ ضَرْبِ الرِّقِّ، فَلَمْ يَمْلِكْ إِبْطَالَهُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ قَتْلًا جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ مَا أَمْكَنَ، وَإِنْ كَانَ فِدَاءً أَوْ مَنًّا لَمْ يُعْمَل بِالثَّانِي، لاِسْتِلْزَامِهِ نَقْضَ الاِجْتِهَادِ بِالاِجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ، إِلاَّ إِذَا كَانَ اخْتِيَارُهُ أَحَدَهُمَا لِسَبَبٍ ثُمَّ زَال السَّبَبُ، وَتَعَيَّنَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي الثَّانِي عَمِل بِقَضِيَّتِهِ. وَلَيْسَ هَذَا نَقْضُ اجْتِهَادٍ بِاجْتِهَادٍ، بَل بِمَا يُشْبِهُ النَّصَّ، لِزَوَال مُوجِبِهِ الأَْوَّل بِالْكُلِّيَّةِ.

مَا يَكُونُ بِهِ الاِخْتِيَارُ:

٣٠ - وَأَمَّا تَوَقُّفُ الاِخْتِيَارِ عَلَى لَفْظٍ، فَإِنَّ الاِسْتِرْقَاقَ لاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ لَفْظٍ يَدُل عَلَيْهِ، وَلاَ يَكْفِي

_________

(١) شرح السير الكبير ٣ / ١٠٣٦، والبدائع ٧ / ١١٩، وفتح القدير ٤ / ٣٠٦.