الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - أسرى - تأمين الأسير
الدَّبَرَةِ عَلَيْهِمْ، بِأَنْ يَتَفَرَّقُوا وَيَسْتَقِل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحَمْل نَصِيبِهِ. وَمَعَ هَذَا فَقَالُوا: وَإِنْ قَسَمَ الإِْمَامُ الْغَنَائِمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ جَازَ، لأَِنَّهُ أَمْضَى فَصْلًا مُخْتَلَفًا فِيهِ بِالاِجْتِهَادِ. (١) وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الرَّسُول ﷺ أَخَّرَ قِسْمَةَ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ حَتَّى انْصَرَفَ إِلَى الْجِعْرَانَةِ (٢) .
تَأْمِينُ الأَْسِيرِ:
١٦ - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحِقُّ لِلإِْمَامِ إِعْطَاءُ الأَْمَانِ لِلأَْسِيرِ بَعْدَ الاِسْتِيلاَءِ عَلَيْهِ، لأَِنَّ عُمَرَ لَمَّا قُدِمَ عَلَيْهِ بِالْهُرْمُزَانِ أَسِيرًا قَال. لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ، ثُمَّ أَرَادَ قَتْلَهُ، فَقَال لَهُ أَنَسٌ: قَدْ أَمَّنْتُهُ فَلاَ سَبِيل لَكَ عَلَيْهِ، وَشَهِدَ الزُّبَيْرُ بِذَلِكَ فَعَدُّوهُ أَمَانًا (٣)، وَلأَِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ، وَالأَْمَانُ دُونَ الْمَنِّ، وَلاَ يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَلَى حُكْمِ التَّمَنِّي وَالتَّشَهِّي دُونَ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَمَا عَقَدَهُ أَمِيرُ الْجَيْشِ مِنَ الأَْمَانِ
_________
(١) شرح السير الكبير ٣ / ١٠٠٥، ١٠١١، والمغني ١٠ / ٤٦٦، واللجنة ترى أن هذا مفوض إلى رأي القائد يجري فيه على حسب ما يرى فيه المصلحة.
(٢) حديث تأخير قسمة الغنائم يفهم مما أخرجه البخاري من حديث أبي موسى ﵁ أنه قال: " كنت عند النبي ﷺ وهو نازل بالجعرانة - بين مكة والمدينة - ومعه بلال، فأتى النبي ﷺ أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فقال له: أبش (فتح الباري ٨ / ٤٦ ط السلفية، وكتاب الخراج لأبي يوسف ص ١٩٦) .
(٣) الأثر عن عمر ﵁ أخرجه البيهقي مطولا، وأورده ابن حجر في التلخيص وسكت عنه (السنن الكبرى للبيهقي ٩ / ٩٦ ط دائرة المعارف العثمانية بالهند، والتلخيص الحبير ٤ / ١٢٠) .