الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - أسرى - من يجوز أسرهم ومن لا يجوز
أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ﴾ (١) وَلاَ يَتَنَافَى ذَلِكَ مَعَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَْرْضِ﴾ (٢) لأَِنَّهَا لَمْ تَرِدْ فِي مَنْعِ الأَْسْرِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا جَاءَتْ فِي الْحَثِّ عَلَى الْقِتَال، وَأَنَّهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ أَسْرَى قَبْل الإِْثْخَانِ فِي الأَْرْضِ، أَيِ الْمُبَالَغَةِ فِي قَتْل الْكُفَّارِ. (٣)
الْحِكْمَةُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الأَْسْرِ:
٧ - هِيَ كَسْرُ شَوْكَةِ الْعَدُوِّ، وَدَفْعُ شَرِّهِ، وَإِبْعَادُهُ عَنْ سَاحَةِ الْقِتَال، لِمَنْعِ فَاعِلِيَّتِهِ وَأَذَاهُ، وَلِيُمْكِنَ افْتِكَاكُ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ بِهِ. (٤)
مَنْ يَجُوزُ أَسْرُهُمْ وَمَنْ لاَ يَجُوزُ:
٨ - يَجُوزُ أَسْرُ كُل مَنْ وَقَعَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ، صَبِيًّا كَانَ أَوْ شَابًّا أَوْ شَيْخًا أَوِ امْرَأَةً، الأَْصِحَّاءِ مِنْهُمْ وَالْمَرْضَى، إِلاَّ مَنْ لاَ يُخْشَى مِنْ تَرْكِهِ ضَرَرٌ وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَسْرُهُ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ.
فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ يُؤْسَرُ مَنْ لاَ ضَرَرَ مِنْهُمْ، وَلاَ فَائِدَةَ فِي أَسْرِهِمْ، كَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالزَّمِنِ وَالأَْعْمَى
_________
(١) سورة محمد / ٤.
(٢) سورة الأنفال / ٦٧.
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٨ / ٤٧ و٧٢ و١٦ / ٢٢٦ ط دار الكتب المصرية.
(٤) المبسوط للسرخسي ١٠ / ٦٤ مطبعة السعادة بالقاهرة، والمهذب ٢ / ٣٣ ط عيسى الحلبي، والمغني ١٠ / ٤٠٣ الطبعة الأولى مطبعة المنار، والإنصاف ٤ / ١٢٩ طبعة أولى.