الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - إسراف - الإسراف في الطاعات - أولا - الإسراف في العبادات البدنية - الإسراف في الصلاة والصوم
بِهِ، لأَِنَّ الْحَاجَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الأَْشْخَاصِ وَالأَْحْوَال، فَمَا زَادَ عَلَى الْكِفَايَةِ أَوْ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْوَاجِبِ فَهُوَ سَرَفٌ مَكْرُوهٌ، وَهَذَا الْقَدْرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَمَّا مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَغْتَسِل بِالصَّاعِ (١) فَهُوَ بَيَانٌ لأَِقَل مَا يُمْكِنُ بِهِ أَدَاءُ السُّنَّةِ عَادَةً، وَلَيْسَ تَقْدِيرًا لاَزِمًا. (٢)
ج - الإِْسْرَافُ فِي الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ:
٩ - الإِْنْسَانُ مَأْمُورٌ بِالاِقْتِصَادِ وَمُرَاعَاةِ الاِعْتِدَال فِي كُل أَمْرٍ، حَتَّى فِي الْعِبَادَاتِ الَّتِي تُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (٣) . فَالْعِبَادَاتُ إِنَّمَا أُمِرَ بِفِعْلِهَا مَشْرُوطَةً بِنَفْيِ الْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْمُعْتَادِ، وَمِنْ هُنَا أُبِيحَ الإِْفْطَارُ فِي حَالَةِ السَّفَرِ وَالْحَامِل وَالْمَرِيضِ وَالْمُرْضِعِ وَكُل مَنْ خَشِيَ ضَرَرَ الصَّوْمِ عَلَى نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ، لأَِنَّ فِي تَرْكِ الإِْفْطَارِ عُسْرًا، وَقَدْ نَفَى اللَّهُ عَنْ نَفْسِهِ إِرَادَةَ الْعُسْرِ. (٤) فَلاَ يَجُوزُ فِيهَا الإِْسْرَافُ وَالْمُبَالَغَةُ. وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَال: هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ (٥) أَيِ
_________
(١) حديث: " كان رسول الله ﷺ يغتسل بالصاع ". أخرجه مسلم من حديث أبي بكر ﵁ بلفظ: " كان رسول الله ﷺ يغتسل بالصاع، ويتطهر بالمد " (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ١ / ٢٥٨ ط عيسى الحلبي) .
(٢) ابن عابدين ١ / ١٠٦، ١٠٧، ومواهب الجليل ١ / ٢٥٦، ونهاية المحتاج ١ / ٢١٢، والمغني ١ / ٢٢٢ - ٢٢٥.
(٣) سورة البقرة / ١٨٥.
(٤) تفسير الأحكام للجصاص ١ / ١٦١.
(٥) الآداب الشرعية لابن مفلح ٢ / ١٠٥. وحديث: " هلك المتنطعون ". أخرجه مسلم وأبو داود من حديث عبد الله بن مسعود ﵁ مرفوعا، وزاد الراوي " قالها ثلاثا " (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٤ / ٢٠٥٥ ط عيسى الحلبي ١٣٧٥ هـ، وسنن أبي داود ٥ / ١٥ ط استنبول) .