الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - إسراف - الإسراف في الطاعات - أولا - الإسراف في العبادات البدنية - الإسراف في الوضوء - الحالة الثانية - استعمال الماء أكثر مما يكفيه

وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْوَعِيدَ فِي الْحَدِيثِ لِمَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ مَعَ عَدَمِ اعْتِقَادِ الثَّلاَثِ سُنَّةٌ، أَمَّا إِذَا زَادَ - مَعَ اعْتِقَادِ سُنِّيَّةِ الثَّلاَثِ - لِطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ عِنْدَ الشَّكِّ، أَوْ بِنِيَّةِ وُضُوءٍ آخَرَ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ، وَقَدْ أُمِرَ بِتَرْكِ مَا يَرِيبُهُ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُهُ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي ابْنِ عَابِدِينَ نَقْلًا عَنِ الْبَدَائِعِ: إِذَا زَادَ أَوْ نَقَصَ، وَاعْتَقَدَ أَنَّ الثَّلاَثَ سُنَّةٌ، لاَ يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِنَّمَا هُوَ الْكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِيَّةُ، فَتَبْقَى الْكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِيَّةُ. (١)

وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ، وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، أَفْضَلِيَّةَ الْوُضُوءِ عَلَى الْوُضُوءِ بِأَلاَّ يَكُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، أَوْ كَانَ قَدْ صَلَّى بِالضَّوْءِ الأَْوَّل صَلاَةً، وَإِلاَّ يُكْرَهُ التَّكْرَارُ وَيُعْتَبَرُ إِسْرَافًا، وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: الْوَجْهُ الْحُرْمَةُ. أَمَّا لَوْ كَرَّرَهُ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا بِغَيْرِ أَنْ تَتَخَلَّلَهُ صَلاَةٌ فَيُعْتَبَرُ إِسْرَافًا مَحْضًا عِنْدَ الْجَمِيعِ. (٢)

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ - اسْتِعْمَال الْمَاءِ أَكْثَرَ مِمَّا يَكْفِيهِ:

٧ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَا يُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْل غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ، (٣) وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَال: إِنَّ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِل بِالصَّاعِ (٤) لَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لاَزِمٍ، بَل هُوَ بَيَانُ أَدْنَى

_________

(١) فتح القدير والعناية عليه ١ / ٢٧، ونهاية المحتاج ١ / ١٧٤، والمغني ١ / ١٤١، وابن عابدين ١ / ٩٠ - ١٠٧.

(٢) ابن عابدين ١ / ١٠٧، والقليوبي ١ / ٥٣.

(٣) المد: رطل وثلث عند الجمهور، وقال أبو حنيفة: هو رطلان. انظر المغني ١ / ٢٢٣، وابن عابدين ١ / ١٠٧.

(٤) حديث: " أن النبي ﷺ كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع ". أخرجه مسلم والترمذي واللفظ له من حديث سفينة، كما أخرجه مسلم من حديث أنس ﵁ بلفظ " كان النبي ﷺ يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد " (صحيح مسلم بتح وتحفة الأحوذي ١ / ١٨٣ ط السلفية) .