الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - استنفار - الحكم الإجمالي
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
٤ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الْجِهَادِ فَرْضٌ، مُنْذُ شُرِعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي نَوْعِ الْفَرْضِيَّةِ فِي عَهْدِهِ ﷺ فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ النَّفِيرَ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي عَهْدِهِ ﷺ. أَمَّا كَوْنُهُ فَرْضًا فَبِالإِْجْمَاعِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّهِ﴾، إِلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ . (١)
وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل: أَنَّ الْحَقَّ ﵎ فَاضَل بَيْنَ الْقَاعِدِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيل اللَّهِ، ثُمَّ وَعَدَ كِلَيْهِمَا الْحُسْنَى.
وَالْعَاصِي لاَ يُوعَدُ بِهَا، وَلاَ يُفَاضَل بَيْنَ مَأْجُورٍ وَمَأْزُورٍ، فَكَانُوا غَيْرَ عَاصِينَ بِقُعُودِهِمْ.
وَقِيل: كَانَ النَّفِيرُ فِي عَهْدِهِ ﷺ فَرْضَ عَيْنٍ، فَلَمْ يَكُنْ لأَِحَدٍ مِنْ غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ . إِلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ . (٢)
وَقَالُوا: إِنَّ الْقَاعِدِينَ الْمُشَارَ إلَيْهِمْ بِآيَةِ سُورَةِ النِّسَاءِ كَانُوا حُرَّاسًا عَلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْجِهَادِ. (٣)
وَهُنَاكَ أَقْوَالٌ أُخْرَى: يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مُصْطَلَحِ: (جِهَادٌ) .
أَمَّا بَعْدَ عَهْدِهِ ﷺ فَلِلْعَدُوِّ حَالَتَانِ:
٥ - أَنْ يَكُونَ فِي بِلاَدِهِ مُسْتَقِرًّا، وَلَمْ يَقْصِدْ إِلَى شَيْءٍ
_________
(١) سورة النساء / ٩٥.
(٢) سورة التوبة / ٣٩ - ٤١.
(٣) مغني المحتاج ٤ / ٢٠٨ - ٢٠٩، وفتح الباري ٦ / ٣٦ - ٣٧.