الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - استنجاء - هل يجزئ الاستنجاء بما حرم الاستنجاء به
وَهُمْ وَإِنِ اتَّفَقُوا عَلَى هَذِهِ الاِشْتِرَاطَاتِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّفَاصِيل، وَقَدْ يَتَّفِقُونَ. وَيُرْجَعُ فِي تَفْصِيل ذَلِكَ إِلَى كُتُبِ الْفِقْهِ.
هَل يُجْزِئُ الاِسْتِنْجَاءُ بِمَا حَرُمَ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ:
٢٩ - إِذَا ارْتَكَبَ النَّهْيَ وَاسْتَنْجَى بِالْمُحَرَّمِ وَأَنْقَى، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَابْنِ تَيْمِيَّةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، كَمَا فِي الْفُرُوعِ: يَصِحُّ الاِسْتِنْجَاءُ مَعَ التَّحْرِيمِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لأَِنَّهُ يُجَفِّفُ مَا عَلَى الْبَدَنِ مِنَ الرُّطُوبَةِ.
وَقَال الدُّسُوقِيُّ: وَلاَ إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ وَلاَ فِي غَيْرِهِ.
أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَلاَ يُجْزِئُ الاِسْتِنْجَاءُ بِمَا حَرُمَ لِكَرَامَتِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ كُتُبِ عِلْمٍ، وَكَذَلِكَ النَّجِسُ.
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَلاَ يُجْزِئُ الاِسْتِجْمَارُ بِمَا حَرُمَ مُطْلَقًا، لأَِنَّ الاِسْتِجْمَارَ رُخْصَةٌ فَلاَ تُبَاحُ بِمُحَرَّمٍ.
وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الاِسْتِجْمَارِ بِالْيَمِينِ - فَإِنَّهُ يُجْزِئُ الاِسْتِجْمَارُ بِهَا مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ - بِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْعَظْمِ وَنَحْوِهِ لِمَعْنًى فِي شَرْطِ الْفِعْل، فَمَنْعُ صِحَّتِهِ، كَالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ النَّجِسِ. أَمَّا بِالْيَمِينِ فَالنَّهْيُ لِمَعْنًى فِي آلَةِ الشَّرْطِ، فَلَمْ يُمْنَعْ، كَالْوُضُوءِ مِنْ إنَاءٍ مُحَرَّمٍ. وَسَوَّوْا فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الاِسْتِجْمَارِ بِهِ كَالْعَظْمِ، وَبَيْنَ مَا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ مُحَرَّمًا كَالْمَغْصُوبِ.
قَالُوا: وَلَوْ اسْتَجْمَرَ بَعْدَ الْمُحَرَّمِ بِمُبَاحٍ لَمْ يُجْزِئْهُ وَوَجَبَ الْمَاءُ، وَكَذَا لَوِ اسْتَنْجَى بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ. وَإِنِ اسْتَجْمَرَ بِغَيْرِ مُنَقٍّ كَالْقَصَبِ أَجْزَأَ الاِسْتِجْمَارُ بَعْدَهُ بِمُنَقٍّ. وَفِي الْمُغْنِي: يُحْتَمَل أَنْ يُجْزِئَهُ الاِسْتِجْمَارُ