الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - استنجاء - حكم استنجاء من به حدث دائم
الاِحْتِمَال الثَّانِي عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ. قَال الْقَرَافِيُّ: كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ وَطِئَ نَعْلَهُ عَلَى رَوْثٍ، فَإِنَّهُ يَمْسَحُهُ وَيُصَلِّي. وَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: لأَِنَّهُ طَهَارَةٌ فَأَشْبَهَتِ الْوُضُوءَ، وَالْمَنْعُ مِنَ الإِْبَاحَةِ لِمَانِعٍ آخَرَ لاَ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ، كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ فِي مَوْضِعٍ نُهِيَ عَنِ الصَّلاَةِ فِيهِ، أَوْ تَيَمَّمَ وَعَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ.
وَقِيل عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ يَصِحُّ تَأْخِيرُهُ عَنِ التَّيَمُّمِ قَوْلًا وَاحِدًا. (١)
حُكْمُ اسْتِنْجَاءِ مَنْ بِهِ حَدَثٌ دَائِمٌ:
١١ - مَنْ كَانَ بِهِ حَدَثٌ دَائِمٌ، كَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوِهِ، يُخَفَّفُ فِي شَأْنِهِ حُكْمُ الاِسْتِنْجَاءِ، كَمَا يُخَفَّفُ حُكْمُ الْوُضُوءِ.
فَفِي قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: يَسْتَنْجِي وَيَتَحَفَّظُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ لِكُل صَلاَةٍ بَعْدَ دُخُول الْوَقْتِ. فَإِذَا فَعَل ذَلِكَ وَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ إِعَادَةُ الاِسْتِنْجَاءِ وَالْوُضُوءِ بِسَبَبِ السَّلَسِ وَنَحْوِهِ، مَا لَمْ يَخْرُجِ الْوَقْتُ عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الْحَنَابِلَةِ. أَوْ إِلَى أَنْ يَدْخُل وَقْتُ الصَّلاَةِ الأُْخْرَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ قَوْلَيِ الْحَنَابِلَةِ. (٢)
وَأَمَّا عَلَى قَوْل الْمَالِكِيَّةِ: فَلاَ يَلْزَمُ مَنْ بِهِ السَّلَسُ التَّوَضُّؤُ مِنْهُ لِكُل صَلاَةٍ، بَل يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشُقَّ، فَعِنْدَهُمْ أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَدَثِ إِذَا كَانَ مُسْتَنْكِحًا - أَيْ كَثِيرًا يُلاَزِمُ كُل الزَّمَنِ أَوْ جُلَّهُ، بِأَنْ
_________
(١) المغني ١ / ٨٢، والذخيرة ١ / ٢٠٥.
(٢) الاختيار ١ / ٢٩، ونهاية المحتاج وحواشيه ١ / ٣١٥ - ٣٢٠، وكشاف القناع ١ / ١٩٦.