الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ -

الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فِيمَا بَعْدُ، مَلَكَهُ مِلْكًا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ. أَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ كَسِمَنِ الدَّابَّةِ فَلاَ يَضْمَنُهَا، لأَِنَّهَا تَكُونُ قَدْ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِهِ. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الَّتِي حَصَلَتْ بَعْدَ الْغَصْبِ وَقَبْل الضَّمَانِ، لَوْ بَاعَهَا أَوِ اسْتَهْلَكَهَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا، لأَِنَّهَا فِي الأَْصْل غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، إذْ قَدْ حَدَثَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَلاَ يَضْمَنُهَا إلاَّ بِالتَّعَدِّي أَوِ التَّفْرِيطِ، وَبِبَيْعِهَا أَوِ اسْتِهْلاَكِهَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا، فَكَانَ غَاصِبًا لَهَا فَيَضْمَنُهَا عَلَى تَفْصِيلٍ مَوْطِنُهُ الْغَصْبُ.

فَظَهَرَ الاِسْتِنَادُ مِنْ جِهَةِ الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ، وَاقْتَصَرَ الْمِلْكُ عَلَى الْحَال مِنْ جِهَةِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ. قَال الْكَاسَانِيُّ: أَثْبَتْنَا الْمِلْكَ بِطَرِيقِ الاِسْتِنَادِ، فَالْمُسْتَنَدُ يَظْهَرُ مِنْ وَجْهٍ وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْحَال مِنْ وَجْهٍ، فَيَعْمَل بِشَبَهِ الظُّهُورِ فِي الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ، وَبِشَبَهِ الاِقْتِصَارِ فِي الْمُنْفَصِلَةِ، لِيَكُونَ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ بِقَدْرِ الإِْمْكَانِ. (١)

الْفَرْعُ الثَّانِي: لَوِ اسْتَغَل الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ، كَمَا لَوْ آجَرَ الدَّابَّةَ، فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَلاَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ عَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ، لأَِنَّهُ حَصَل فِي مِلْكِهِ حِينَ أَدَّى ضَمَانَهُ مُسْتَنِدًا إلَى حِينِ الْغَصْبِ. وَقَال الْبَابَرْتِيُّ: وَإِنَّمَا قَال أَبُو حَنِيفَةَ بِالتَّصَدُّقِ بِالْغَلَّةِ لأَِنَّهَا حَصَلَتْ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَهُوَ وَإِنْ دَخَل فِي مِلْكِهِ مِنْ حِينِ الْغَصْبِ، إلاَّ أَنَّ الْمِلْكَ الْمُسْتَنَدَ نَاقِصٌ لِكَوْنِهِ ثَابِتًا فِيهِ مِنْ وَجْهٍ

_________

(١) البدائع ٧ / ١٤٤ ط دار الكتاب العربي - بيروت.