الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - استماع - أنواع الاستماع - النوع الأول استماع صوت الإنسان - ثانيا استماع غير القرآن الكريم - حكم استماع خطبة الجمعة
ثَانِيًا: اسْتِمَاعُ غَيْرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:
أ - حُكْمُ اسْتِمَاعِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِسْتِمَاعِ وَالإِْنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ.
١٢ - فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَالأَْوْزَاعِيُّ إلَى وُجُوبِ الاِسْتِمَاعِ وَالإِْنْصَاتِ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ (١)، حَتَّى قَال الْحَنَفِيَّةُ: كُل مَا حَرُمَ فِي الصَّلاَةِ حَرُمَ فِي الْخُطْبَةِ، فَيَحْرُمُ أَكْلٌ، وَشُرْبٌ، وَكَلاَمٌ، وَلَوْ تَسْبِيحًا، أَوْ رَدَّ سَلاَمٍ، أَوْ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: - بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ (٢)
- وَبِأَنَّ الْخُطْبَةَ كَالصَّلاَةِ، فَهِيَ قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْفَرِيضَةِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ مِنْ ذَلِكَ إلاَّ تَحْذِيرَ مَنْ خِيفَ هَلاَكُهُ، لأَِنَّهُ يَجِبُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ، أَمَّا الإِْنْصَاتُ فَهُوَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ. (٣)
وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا: الذِّكْرَ الْخَفِيفَ إنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ، كَالتَّهْلِيل، وَالتَّحْمِيدِ، وَالاِسْتِغْفَارِ، وَالتَّعَوُّذِ، وَالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الإِْسْرَارِ بِهَذِهِ الأَْذْكَارِ الْخَفِيفَةِ. (٤)
وَاسْتَدَل مَنْ قَال بِوُجُوبِ الاِسْتِمَاعِ لِلْخُطْبَةِ بِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: ﴿
_________
(١) المغني ٢ / ٣٢٠، والمجموع ٤ / ٥٢٥، وحاشية ابن عابدين ١ / ٣٦٦.
(٢) سورة الأعراف / ٢٠٤.
(٣) حاشية ابن عابدين ١ / ٣٦٦ والمغني ٢ / ٣٣٣.
(٤) مواهب الجليل ٢ / ١٧٦ طبع دار الفكر.