الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ -

فِي الْكَعْبَةِ كَذَلِكَ. وَلِلْمَالِكِيَّةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ: الْحُرْمَةُ بِأَدِلَّتِهِمْ عَلَى مَنْعِ الْفَرِيضَةِ، وَالْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى النَّفْل الْمُطْلَقِ، وَالثَّالِثُ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ.

وَذَهَبَ أَصْبَغُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ فِيمَا حُكِيَ عَنْهُ إلَى أَنَّهُ لاَ تَصِحُّ صَلاَةُ النَّافِلَةِ فِيهَا.

أَمَّا صَلاَةُ النَّافِلَةِ عَلَى ظَهْرِهَا فَتَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلْمَالِكِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي اسْتِقْبَال الْهَوَاءِ أَوِ اسْتِقْبَال قِطْعَةٍ مِنَ الْبِنَاءِ وَلَوْ مِنْ حَائِطِ السَّطْحِ.

هَذَا، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى جَوَازِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ لِبُعْدِهِ عَنِ الأَْدَبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرِيضَةِ.

هَذَا، وَمَا وَرَدَ فِي شَأْنِ الصَّلاَةِ فِي الْكَعْبَةِ يَرِدُ فِي الْحِجْرِ (الْحَطِيمِ) لأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْكَعْبَةِ. (١)

١٨ - وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، إلَى أَنَّ الصَّلاَةَ الَّتِي تَجُوزُ فِي الْكَعْبَةِ، تَصِحُّ لأَِيِّ جِهَةٍ وَلَوْ لِجِهَةِ بَابِهَا مَفْتُوحًا، وَلَوْ لَمْ يَسْتَقْبِل شَيْئًا فِي هَذِهِ الْحَال، لأَِنَّ الْقِبْلَةَ هِيَ الْعَرْصَةُ وَالْهَوَاءُ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ، وَلَيْسَتْ هِيَ الْبِنَاءُ، بِدَلِيل أَنَّهُ لَوْ نُقِل إلَى عَرْصَةٍ أُخْرَى وَصَلَّى إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ، وَلأَِنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جَبَل أَبِي قُبَيْسٍ جَازَتْ بِالإِْجْمَاعِ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصَل إلَى الْبِنَاءِ. (٢) وَشَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ لِجَوَازِ الصَّلاَةِ فِي الْكَعْبَةِ وَعَلَيْهَا أَنْ يَسْتَقْبِل جِدَارًا مِنْهَا أَيًّا كَانَ، أَوْ يَسْتَقْبِل الْبَابَ إنْ كَانَ مَفْتُوحًا وَكَانَ لَهُ عَتَبَةٌ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الآْدَمِيِّ تَقْرِيبًا عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ، لأَِنَّ

_________

(١) رد المحتار ١ / ٢٩٠، ٦١٢، والدسوقي ١ / ٢٢٩، والمجموع للنووي ١ / ١٩٤، ونهاية المحتاج ١ / ٤١٧ فما بعدها، وكشاف القناع ١ / ٢٧٤.

(٢) قال الرافعي في تقريره ١ / ١٢٥: لم يظهر عدم صحة الاقتداء في صورة ما إذا قام المقتدي في داخل الكعبة أمام الإمام، وهو في خارجها وجهه لظهر المقتدي، إذ الجهة مختلفة، فإن الإمام إذا استقبل باب الكعبة مثلا يكون مستقبلا جهة الباب، والمقتدي مستدبر لها مستقبل وانظر الدسوقي ١ / ٢٢٨.