الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ -
يَبْتَدِئُونَ الْقِرَاءَةَ (١) .
وَقَدْ صَرَّحَ فُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ الْحُكْمَ كَرَاهَةُ الْفَصْل بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ بِدُعَاءٍ. سَوَاءٌ أَكَانَ دُعَاءَ الاِسْتِفْتَاحِ أَوْ غَيْرَهُ. إِلاَّ أَنَّ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ: أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ، ثُمَّ قَال: وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمُ الْفَصْل بَيْنَهُمَا بِلَفْظِ: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ. . . إِلَخْ ". وَقَال الْعَدَوِيُّ مُعَلِّقًا عَلَى ذَلِكَ: فِي قَوْلِهِ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ إِلَخْ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْل لِمَالِكٍ " إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ مَشْهُورًا عَنْهُ (٢) .
ثُمَّ قَدْ جَاءَ فِي جَوَاهِرِ الإِْكْلِيل تَعْلِيقًا عَلَى قَوْل خَلِيلٍ بِالْكَرَاهَةِ: أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلْعَمَل، وَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ بِهِ - يَعْنِي مَا قَالَهُ الدُّسُوقِيُّ: لأَِنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ - ثُمَّ قَال: وَعَنْ مَالِكٍ نَدْبُ قَوْلِهِ قَبْلَهَا - أَيْ قَبْل تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ -: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ. . . إِلَخْ، وَجَّهْتُ وَجْهِي. . . إِلَخْ، اللَّهُمَّ بَاعِدْ. . . إِلَخْ. قَال ابْنُ حَبِيبٍ: يَقُولُهُ بَعْدَ الإِْقَامَةِ وَقَبْل الإِْحْرَامِ. قَال فِي الْبَيَانِ: وَذَلِكَ حَسَنٌ (٣) . . اهـ. وَكَذَلِكَ نَقَل الرَّافِعِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلَهُ: لاَ يُسْتَفْتَحُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ إِلاَّ بِالْفَاتِحَةِ، وَالدُّعَاءُ وَالتَّعَوُّذُ يُقَدِّمُهُمَا عَلَى التَّكْبِيرِ (٤) . فَكَأَنَّ خِلاَفَ الْمَالِكِيَّةِ فِي الاِسْتِفْتَاحِ رَاجِعٌ إِلَى مَوْضِعِهِ، فَعِنْدَهُمْ يَكُونُ قَبْل التَّكْبِيرِ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ بَعْدَهُ (٥) .
_________
(١) المدونة ١ / ٦٢.
(٢) كفاية الطالب الرباني بحاشية العدوي ١ / ٢٠٥.
(٣) جواهر الإكليل ١ / ٥٣، وانظر أيضا الرهوني ١ / ٤٢٥، والدسوقي ١ / ٢٥٢.
(٤) فتح العزيز ٣ / ٣٠١.
(٥) ناقش النووي احتجاج المالكية بحديث " أن النبي ﷺ كان يفتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين " بأنه ليس فيه التصريح بنفي الاستفتاح. ولو صرح بنفيه لكانت الأحاديث الصحيحة بإثباته مقدمة، لأنها زيادة ثقات، وهي إثبات، والإثبات مقدم على النفي. (المجموع ٣ / ٣٢١) . والحديث أخرجه مسلم (صحيح مسلم ١ / ٣٥٧ ط عيسى الحلبي ١٣٧٤ هـ) .