الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤ - تراجم الفقهاء - استعاذة - الاستعاذة في الصلاة - تكرار الاستعاذة في كل ركعة
تَكْرَارُ الاِسْتِعَاذَةِ فِي كُل رَكْعَةٍ:
٢٣ - الاِسْتِعَاذَةُ مَشْرُوعَةٌ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى بِاتِّفَاقٍ، أَمَّا تَكْرَارُهَا فِي بَقِيَّةِ الرَّكَعَاتِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ عَلَى رَأْيَيْنِ:
الأَْوَّل: اسْتِحْبَابُ التَّكْرَارِ فِي كُل رَكْعَةٍ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ خَالَفَهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ صَحَّحَهَا صَاحِبُ الإِْنْصَافِ بَل قَال ابْنُ الْجَوْزِيِّ: رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. (١)
وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ قَوْل اللَّهِ ﷾: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ (٢) وَقَدْ وَقَعَ الْفَصْل بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ الْقِرَاءَةَ خَارِجَ الصَّلاَةِ بِشُغْلٍ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّعَوُّذُ، وَلأَِنَّ الأَْمْرَ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ (٣) وَأَيْضًا إِنْ كَانَتْ مَشْرُوعَةً فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى فَهِيَ مَشْرُوعَةٌ فِي غَيْرِهَا مِنَ الرَّكَعَاتِ قِيَاسًا، لِلاِشْتِرَاكِ فِي الْعِلَّةِ.
الثَّانِي: كَرَاهِيَةُ تَكْرَارِ الاِسْتِعَاذَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (٤) وَحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ كَمَا لَوْ سَجَدَ لِلتِّلاَوَةِ فِي قِرَاءَتِهِ ثُمَّ
_________
(١) الهداية ١ / ٥١، والرهوني ١ / ٤٢٤، والمجموع ٣ / ٣٢٤، والجمل ١ / ٤٥٣، والإنصاف ٢ / ٧٣، ٧٤، ١١٩، والمغني مع الشرح ١ / ٥٥٢.
(٢) سورة النحل / ٩٨.
(٣) سورة المائدة / ٦.
(٤) الهندية ١ / ٧٤، والعناية على الهداية بهامش فتح القدير ١ / ٢١٧، والبحر الرائق ١ / ٣٢٨، وابن عابدين ١ / ٣٥٦ ط ٣، والإنصاف ٢ / ١١٩، والألوسي ١٤ / ٢٢٩.