الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٩ -
وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الآْدَمِيَّ لاَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ بِتَشَرُّبِ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ فِي أَجْزَائِهِ، كَرَامَةً لَهُ؛ لأَِنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ لَمَا حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ بِالْغُسْل كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي حُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا بِالْمَوْتِ، وَالآْدَمِيُّ يَطْهُرُ بِالْغُسْل حَتَّى رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَيِّتَ لَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ قَبْل الْغُسْل يُوجِبُ تَنْجِيسَ الْبِئْرِ، وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ الْغُسْل لاَ يُوجِبُ تَنَجُّسَهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَتَنَجَّسْ بِالْمَوْتِ وَلَكِنْ وَجَبَ غُسْلُهُ لِلْحَدَثِ، لأَِنَّ الْمَوْتَ لاَ يَخْلُو عَنْ سَابِقَةِ حَدَثٍ لِوُجُودِ اسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِل وَزَوَال الْعَقْل، وَالْبَدَنُ فِي حَقِّ التَّطْهِيرِ لاَ يَتَجَزَّأُ فَوَجَبَ غَسْلُهُ كُلُّهُ (١) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَالْبَلْخِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ مَيْتَةَ الآْدَمِيِّ وَلَوْ كَافِرًا طَاهِرَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ (٢)، وَقَضِيَّةُ تَكْرِيمِهِمْ أَنْ لاَ يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِمْ بِالْمَوْتِ، وَلِخَبَرِ لاَ تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ حَيًّا وَلاَ مَيِّتًا قَال عِيَاضُ: وَلأَِنَّ غَسْلَهُ وَإِكْرَامَهُ يَأْبَى تَنْجِيسُهُ، إِذْ لاَ مَعْنَى لِغَسْل الْمَيْتَةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعُذْرَةِ (٣) .
_________
(١) ابن عابدين ١ / ٥٧٣، وبدائع الصنائع ١ / ٢٩٩.
(٢) سورة الإسراء / ٧٠.
(٣) الخرشي ١ / ٨٨، ومغني المحتاج ١ / ٧٨، والمغني مع الشرح ١ / ٤٠.