الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٩ - حرف الميم - ميتة - الأحكام المتعلقة بالميتة - ما يحل الانتفاع به من الميتة - عظم الميتة وقرنها
كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ هَذِهِ الشُّعُورَ وَالأَْصْوَافَ وَالأَْوْبَارَ أَجْسَامٌ مُنْتَفَعٌ بِهَا، لِعَدَمِ تَعَرُّضِهَا لِلتَّعَفُّنِ وَالْفَسَادِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقْضَى بِطَهَارَتِهَا كَالْجُلُودِ الْمَدْبُوغَةِ، وَلأَِنَّ نَجَاسَةَ الْمَيْتَاتِ لَيْسَتْ لأَِعْيَانِهَا، بَل لِمَا فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ السَّائِلَةِ وَالرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ، وَهِيَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي هَذِهِ الأَْشْيَاءِ.
قَال الْقَرَافِيُّ: وَحُجَّتُنَا أَنَّهَا طَاهِرَةٌ قَبْل الْمَوْتِ، فَتَكُونُ طَاهِرَةً بَعْدَهُ، عَمَلًا بِالاِسْتِصْحَابِ (١)، وَلأَِنَّ الْمَوْتَ لاَ يَلْحَقُهَا، إِذِ الْمَوْتُ عِبَارَةٌ عَنْ مَعْنًى يَحِل بَعْدَ عَدَمِ الْحَيَاةِ، وَلَمْ تَكُنِ الْحَيَاةُ فِي الصُّوفِ وَالْوَبَرِ وَالشَّعْرِ، فَيَخْلُفَهَا الْمَوْتُ فِيهَا (٢) .
الثَّانِي: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّ صُوفَ الْمَيْتَةِ وَشَعْرَهَا وَوَبَرَهَا نَجِسٌ لاَ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهَا جُزْءٌ مِنَ الْمَيْتَةِ، وقَوْله تَعَالَى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ (٣) عَامٌّ فِي تَحْرِيمِ سَائِرِ أَجْزَائِهَا.
ج - عَظْمُ الْمَيْتَةِ وَقَرْنُهَا:
٢٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِنْتِفَاعِ بِعَظْمِ الْمَيْتَةِ مِنَ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول اللَّحْمِ وَقَرْنِهَا
_________
(١) الذخيرة ١ / ١٨٤.
(٢) أحكام القرآن لابن العربي ٣ / ١١٦٩.
(٣) سورة المائدة / ٣.