الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٩ - حرف الميم - موت - الأحكام المتعلقة بالموت - مستقر أرواح الموتى ما بين الموت إلى يوم القيامة
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَيٍّ (١) .
مُسْتَقَرُّ أَرْوَاحِ الْمَوْتَى مَا بَيْنَ الْمَوْتِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
١٥ - قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: إِنَّ اللَّهَ جَعَل الدُّورَ ثَلاَثًا: دَارَ الدُّنْيَا، وَدَارَ الْبَرْزَخِ، وَدَارَ الْقَرَارِ، وَجَعَل لِكُل دَارٍ أَحْكَامًا تَخْتَصُّ بِهَا، وَرَكَّبَ هَذَا الإِْنْسَانَ مِنْ بَدَنٍ وَرُوحٍ، وَجَعَل أَحْكَامَ الدُّنْيَا عَلَى الأَْبْدَانِ وَالأَْرْوَاحِ تَبَعًا لَهَا، وَلِهَذَا جَعَل أَحْكَامَهُ الشَّرْعِيَّةَ مُرَتَّبَةً عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ حَرَكَاتِ اللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ، وَإِنْ أَضْمَرَتِ النَّفُوسُ خِلاَفَهُ، وَجَعَل أَحْكَامَ الْبَرْزَخِ عَلَى الأَْرْوَاحِ، وَالأَْبْدَانُ تَبَعًا لَهَا، فَكَمَا تَبِعَتِ الأَْرْوَاحُ الأَْبْدَانَ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، فَتَأَلَّمَتْ بِأَلَمِهَا وَالْتَذَّتْ بِرَاحَتِهَا، فَإِنَّ الأَْبْدَانَ تَتْبَعُ الأَْرْوَاحَ فِي أَحْكَامِ الْبَرْزَخِ فِي نَعِيمِهَا وَعَذَابِهَا (٢) حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُعِيدَتِ الأَْرْوَاحُ إِلَى الأَْجْسَادِ، وَقَامُوا مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٣) .
وَالْبَرْزَخُ هُوَ أَوَّل دَارِ الْجَزَاءِ، وَعَذَابُ الْبَرْزَخِ وَنَعِيمُهُ أَوَّل عَذَابِ الآْخِرَةِ وَنَعِيمِهَا، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَوَاصِلٌ إِلَى أَهْل الْبَرْزَخِ، يَدُل عَلَى ذَلِكَ مَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي نَعِيمِ
_________
(١) المعتمد في أصول الدين لأبي يعلى ص ١٧٨.
(٢) الروح لابن القيم ص ٩١ بتصرف.
(٣) الروح ص ٧٤.