الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٩

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٩ -

الرُّوحَ تُعَادُ إِلَى الْجَسَدِ أَوْ بَعْضِهِ، وَلاَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْمَيِّتِ قَدْ تَتَفَرَّقُ أَجَزَاؤُهُ، لأَِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُعِيدَ الْحَيَاةَ إِلَى جُزْءٍ مِنَ الْجَسَدِ، وَيَقَعُ عَلَيْهِ السُّؤَال، كَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ أَجْزَاءَهُ، قَال ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ تَرْجِعَ الرُّوحُ فِي حَالٍ آخَرَ وَأَمْرٍ ثَانٍ، وَبِعَوْدِهَا يَرْجِعُ الْمَيِّتُ حَيًّا، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِحَيَاةِ الْقَبْرِ عِنْدَ إِتْيَانِ الْمَلَكَيْنِ لِلسُّؤَال، فَإِذَا رُدَّتْ إِلَيْهِ الْحَيَاةُ، لِلْجِسْمِ وَالرُّوحِ، تَبِعَتْهَا الإِْدْرَاكَاتُ الْمَشْرُوطَةُ بِهَا، فَيَتَوَجَّهُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَيِّتِ السُّؤَال، وَيُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجَوَابُ (١) .

وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: عَوْدُ الرُّوحِ إِلَى بَدَنِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ لَيْسَ مِثْل عَوْدِهَا إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ أَكْمَل مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، كَمَا أَنَّ النَّشْأَةَ الأُْخْرَى لَيْسَ مِثْل هَذِهِ النَّشْأَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْمَل مِنْهَا، بَل كُل مَوْطِنٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَفِي الْبَرْزَخِ وَالْقِيَامَةِ لَهُ حُكْمٌ يَخُصُّهُ (٢) .

وَقَال ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ: الْمُرَادُ بِالْحَيَاةِ فِي الْقَبْرِ لِلْمَسْأَلَةِ لَيْسَتِ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ الْمَعْهُودَةَ فِي الدُّنْيَا الَّتِي تَقُومُ فِيهَا الرُّوحُ بِالْبَدَنِ وَتَدْبِيرِهِ وَتَصَرُّفِهِ، وَتَحْتَاجُ إِلَى مَا

_________

(١) الفتاوى الحديثية ص ١٢١.

(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية ٤ / ٢٧٤.